التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها وهم لا يظلمون 160}

صفحة 2483 - الجزء 4

  · المعنى: ثم وغب - تعالى - بعد ذكر الوعيد على معاصيه - في طاعته بما وعد من تضعيف الجزاء، فقال سبحانه: «مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ» قيل: بالتوحيد، عن الحسن، وقيل: بسائر الطاعات، عن أبي علي وغيره، «فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا» يعني عشر حسنات، والمراد بالأمثال كونها حسنة، عن أبي علي، وقيل: عشر أمثالها في الكثرة لا في الصفة؛ لأن الثواب يقارنه التعظيم والتفضل يفارقه في ذلك، ولذلك لا يجوز الابتداء بالثواب، ولو جاز لما حسن التكليف، وقيل: عشر في الجنس لا في الكثرة، فثواب واحد يزيد على الجميع، ولا يجوز أن يساوي التفضل الثواب في القدرة والصفة، عن أبي علي وأبي هاشم، وقيل: الحسنة: الإيمان، وهي عشر خصال على ما ذكر في قوله: {إِنَّ المسلمينَ والمسلماتِ} الآية. فيعطيه على كل خصلة جزاء وحسنة، عن أبي مسلم، «وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ» قيل: بالشرك، عن الحسن والأصم، وقيل: بكل معصية عن أبي علي وغيره «فَلا يُجزَى إِلَّا مِثْلَهَا» أي: ما استحق عليها، ولا يُزَادُ؛ لأن التفضل بالنعم والنفع الخالص يجوز، ولا يجوز أن يبتدأ بالضرر، ولا يحبس في الآخرة إلا مستحقًا «وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ» ببخس حقهم من الثواب وعقابهم على غير معصية.

  · الأحكام: تدل الآية على أن كل من جاء بطاعة فله عشر أمثالها.

  ومتى قيل: أهو تفضل أم ثواب؟

  قلنا: قيل: كله تفضل ضَمِنَ اللَّه ذلك لفاعل الطاعة إلى سبعمائة ضعف، عن أبي علي والأصم، قال أبو علي: وهذه العشر قدرها دون قدر الثواب، وليس المراد أمثالها في القدر بل المراد بها حسنة، كما أن الطاعة حسنة، وقيل: المراد بالعشر الثوابُ والتفضلُ؛ لأنه كمالُ ما يفعل به عند أكثر مشايخنا.

  ومتى قيل: أليس قال في موضع آخر: إن جزاءه سبعمائة؟