التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين 65}

صفحة 418 - الجزء 1

  والسبت: يوم من أيام الأسبوع كان عيدًا لليهود، وأصل السبت القطع، وهو أصل الباب، وإنما سمي سبتًا؛ لأنه سبت فيه خلق كل شيء وعمله، أي انقطع، وفرغ منه، واليهود يسبتون يوم السبت أي يقطعون الأعمال، عن أبي عبيدة.

  والقرد: جمعه قردة، وقرود، والأنثى قردة.

  وَخَسَأْتَ الكلب إذا زجرته، فقلت: اخْسَأْ، والخاسِئ الكلب المباعد الذي لا يترك أن يدنو من الناس، وَخُسِئ الكلبُ إذا طرد فتباعد، وأصله من الإبعاد.

  · المعنى: ثم خاطب بني إسرائيل بخبر أسلافهم وما نالهم ليجتنبوا. طرائقهم، فقال تعالى: «وَلَقَد» خطاب لليهود الَّذِينَ كانوا في زمن النبي ÷ «الَّذِينَ اعْتَدَوْا» أي: جاوزوا الحد، وتركوا العمل بالتوراة وما فرض عليهم في السبت، والمراد أسلافهم «مِنْكُمْ» أي من أسلافكم «فِي السَّبْتِ» وكان اعتداؤهم في السبت أنهم نهوا عن أخذ الحيتان يوم السبت فاصطادوا، وقيل: أخذوها على وجه الاستحلال فكفروا فمسخوا قردة، عن الحسن، وقيل: حبسوها في الحظائر يوم السبت، وسدوها بلوح ثم أخذوها يوم الأحد، ويقولون: نحن لا نتعرض للسمك يوم السبت، فعاقبهم اللَّه تعالى على ذلك، وهو على هذا فسق، وقيل: كانوا يلقون الشخوص يوم الجمعة، ويخرجونها يوم الأحد، وكان هذا زمن داود #، بِأَيْلَةَ، فتفرق الناس ثلاث فرق، فرقة أمسكوا ونهوا، وفرقة أمسكوا ولم ينهوا، وفرقة هتكوا الحرمة، فمسخ اللَّه الفريقين، ونجا الفرقة الناهية «فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً» يعني جعلناهم قردة، كقوله: {فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ ١١} وقيل: مسخوا قردة تعاوي بعد ما كانوا رجالاً ونساء، عن ابن عباس وقتادة وأكثر أهل العلم، وقيل: هذا مثل ضربه اللَّه لهم، كما قيل: {كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا}، والأول الوجه؛ لأنه الظاهر، وعليه أكثر أهل العلم.

  ويُقال: هل تناسلت تلك القردة؟