التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي إن البقر تشابه علينا وإنا إن شاء الله لمهتدون 70}

صفحة 430 - الجزء 1

  وَدِّعْ هُرَيْرَةَ إِنَّ الرَّكْبَ مُرْتَحِلُ

  وقيل: جاء النعت على لفظ البقرة، دون معناه، وقيل: معناه جنس البقر تشابه علينا، عن الزجاج.

  · المعنى: ولما بَيَّنَ تعالى سن البقرة ولونها سألوا عن صفتها فقالوا: يا موسى «ادع لَنَا رَبَّكَ يُبَيّنْ لَنَا مَا هِيَ» أي من العوامل أم من السوائم؟ عن أبي مسلم وغيره «إِنَّ الْبَقَرَ تَشابه عَلَينا» أي اشتبه، قيل: أرادوا أن يعين اللَّه لهم البقرة؛ فلذلك قالوا: تشابه علينا، وقيل: أرادوا الزيادة في الصفة؛ ليكون العلم به أجلى وأوضح، وقيل: ظنوا أنها بقرة معينة يحيا القتيل بضربه ببعضها لا يجوز غيره، كما أن عصا موسى كانت عصًا بعينها؛ ولذلك ترددوا وتراجعوا.

  ويقال: قد يحسن السؤال عند الاشتباه، وقد يجب فلماذا قبح سؤالهم؟

  قلنا: لأنه ما اشتبه عليهم صفة المأمور به؛ ألا ترى أنهم لو أتوا بمثل المأمور به جاز عنهم، إلا أنهم حيروا أنفسهم، وترددوا تعنتًا، فتحيروا، فكلما ازدادوا في السؤال ازداد تحيرهم. «وِإنَّا إِنْ شَاءَ اللَّه لَمُهْتَدُونَ» إلى صفة البقرة بذبحها.

  · الأحكام: الآية: تدل على أن اشتباه ما كلف بعضه بعض مع استيفاء بيان الصفة لا يؤثر في صحة التكليف؛ لأنه ممكن من ذلك.

  وتدل على أن في شرعهم يجوز تعليق الخبر عن المستقبل بالمشيئة كما هو في شريعتنا.

  ويدل قوله: «لَمُهْتدُونَ» على أن الهدى غير الاهتداء، بخلاف قول كثير من الْمُجْبِرَة.