التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وإلى ثمود أخاهم صالحا قال ياقوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره قد جاءتكم بينة من ربكم هذه ناقة الله لكم آية فذروها تأكل في أرض الله ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب أليم 73 واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد عاد وبوأكم في الأرض تتخذون من سهولها قصورا وتنحتون الجبال بيوتا فاذكروا آلاء الله ولا تعثوا في الأرض مفسدين 74 قال الملأ الذين استكبروا من قومه للذين استضعفوا لمن آمن منهم أتعلمون أن صالحا مرسل من ربه قالوا إنا بما أرسل به مؤمنون 75 قال الذين استكبروا إنا بالذي آمنتم به كافرون 76 فعقروا الناقة وعتوا عن أمر ربهم وقالوا ياصالح ائتنا بما تعدنا إن كنت من المرسلين 77 فأخذتهم الرجفة فأصبحوا في دارهم جاثمين 78 فتولى عنهم وقال ياقوم لقد أبلغتكم رسالة ربي ونصحت لكم ولكن لا تحبون الناصحين 79}

صفحة 2618 - الجزء 4

  نحتوا البيوت في الحجر، وقيل: يتخذون القصور للشتاء وبيوت الجبال للصيف «فَاذْكُرُوا» أي: اشكروا «آلاءَ اللَّهِ» أي: نعمه لئلا تزول عنكم «وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ» أي: لا تضطربوا بالفساد في الأرض، معناه لا تفسدوا بالكفر والظلم «قَالَ الملأُ» قيل: الجماعة، عن أبي علي. وقيل: الأشراف، عن أبي مسلم. «الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا» طلبوا التكبر بغير حق وتعظموا وأنفوا من الإيمان لصالح # «مِنْ قَوْمِهِ» أي: من قوم صالح «لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا» يعني للأتباع «لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ» لصالح «أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحًا مُرْسَل مِنْ رَبِّهِ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ» أي: مصدقون له فيما أدى من الرسالة أنه صادق في جميع ذلك «قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا بِالَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ» من رسالته «كَافِرُونَ» أي: جاحدون، فلم تنجع فيهم نصيحته «فَعَقَرُوا النَّاقَةَ» قيل: نحروها، وقيل: ضربوا قوائمها، وقيل: جرحوها «وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ» قيل: جاوزوا الحد في الفساد، وقيل: العتو: الغلو في الباطل، عن مجاهد. «وَقَالُوا يَاصَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا» من العذاب، قالوه استعجالاً له وإنكارًا «إِنْ كنْتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ، فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ» قيل الصيحة، عن مجاهد والسدي. وقيل: الزلزلة أهلكوا بها، عن أبي مسلم. وذلك بعد أن أمهلهم ثلاثة أيام، وقيل: صاعقة أخذتهم، وقيل: الرجفة: العذاب، عن الأصم. «فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمينَ» فلذلك وُحِّدَ، وقيل: المراد به الدور، ووُحّدَ لأنه أراد الجنس، كقوله: {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} «جَاثِمِينَ» قيل:

  ساقطين على ركبهم، وهي كناية عن سقوطهم على وجوههم، وقيل: صرعى خامدين، وقيل: صاروا كالرماد الجاثم؛ لأن الصاعقة أحرقتهم «فَتَوَلَّى عَنْهُمْ» صالح «وَقَالَ يَاقَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِنْ لَا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ» فخالفتم أمري.