التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ثم بعثنا من بعدهم موسى بآياتنا إلى فرعون وملئه فظلموا بها فانظر كيف كان عاقبة المفسدين 103 وقال موسى يافرعون إني رسول من رب العالمين 104 حقيق على أن لا أقول على الله إلا الحق قد جئتكم ببينة من ربكم فأرسل معي بني إسرائيل 105 قال إن كنت جئت بآية فأت بها إن كنت من الصادقين 106 فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين 107 ونزع يده فإذا هي بيضاء للناظرين 108}

صفحة 2655 - الجزء 4

  · القراءة: قرأ بشير ونافع «حَقِيقٌ عَلَيَّ» بتشديد الياء من «عَلَيَّ» بمعنى واجبٌ عَلَيَّ. وقرأ الباقون «عَلَى» بسكون الياء والتخفيف، واختلفوا فيه، فقيل: (عَلَيَّ) بمعنى الباء تقديره: أنا حقيق بألّا أقول على اللَّه إلا الحق.

  قال الفراء: العرب تقول: رميت بالقوس وعلى القوس، وجئت بحال حسنة، وروي أنه في قراءة أبي «حقيق بأن لا أقول»، وقيل: معنى «حقيق على أن» [لا أقول فالمعنى] حريص على ألّا أقول، عن أبي عبيدة.

  · اللغة: البعث والرسالة من النظائر، وأصل البعث النقل، ومنه البعث بعد الموت وهو النقل إلى حال الحياة، فالبعث نقله بالإرسال عن حاله إلى حالة النبوة. وفرعون وزنه (فِعْلَوْن) ونظيره: بِرْذَوْن، فالواو زائدة؛ لأنها جاءت مع سلامة الأصول الثلاثة، والنون زائدة يقال: تفرعن مشتق منه، و «حقيق» فعيل من الحق، ويكون بمعنى الفاعل، وبمعنى المفعول.

  قال أبو مسلم: «حقيق» بمعنى حَاقّ: فعيل بمعنى فاعل.

  والعصاة معروف، وأصله: الامتناع، يقال: عصى يعصي إذا امتنع، ويُقال: اعْتَصَى بالسيف إذا اتخذه عَصًا، ويقال لمن استقر بعد تنقل: ألقى عصاه، قال الشاعر:

  فَأَلْقَتْ عَصَاهَا واسْتَقَرَّ بِها النَّوَى ... كَمَاَ قَّرَ عَيْنًا بِالْإِيَابِ المُسَافِرُ