التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلا بعضهم إلى بعض قالوا أتحدثونهم بما فتح الله عليكم ليحاجوكم به عند ربكم أفلا تعقلون 76}

صفحة 446 - الجزء 1

  الذي يكون به الظفر عند الخصومة، يقال: حَاجَجْتُهُ فَحَجَجْتُهُ، وأصله من القصد، ومنه الحج، فالحجة: النكتة المقصودة في تصحيح الأمر.

  · النزول: قيل: نزلت في بني قريظة لما قال لهم رسول اللَّه: «يا إخوان القردة والخنازير»، قالوا: من أخبر محمدًا بهذا؟، ما خرج إلا منكم، عن مجاهد، وقيل: كان ناس من اليهود آمنوا، ثم نافقوا فكانوا يحدثون المؤمنين بما عذب به أسلافهم، وقال بعضهم: أتقولون ذلك لهم ليقولوا: نحن أكرم على اللَّه منكم، عن السدي.

  وقيل: إن قومًا منهم لقوا أبا بكر وعمر ®، فقالوا: إنا آمنا لأنا نعلم أنه نبي، ونجد صفته في التوراة، فلما خلوا برؤسائهم، قالوا لهم: أتحدثونهم بما قص اللَّه عليكم من صفة محمد ثم لا تتبعونه ليحاجوكم، وتكون الحجة عليكم، عن الكلبي.

  وقيل: كان بعضهم يأتي قريبه وحليفه من اليهود، فيسأله عن أمر النبيّ ÷ فيقول: إنه حق، وهو نبي، فإذا رجعوا إلى رؤسائهم لاموهم على ذلك، ففيهم نزلت الآية.

  · المعنى: ثم ذكر تعالى خصلة أخرى من خصال أولئك الكفرة فقال تعالى: «وَإذَا لَقُوا» يعني هَؤُلَاءِ المنافقين «الَّذِينَ آمَنُوا» قيل: المراد باللقاء إذا رأوهم، وقيل: أراد بلقائهم مناظرتهم، كما يقال: لقي العلماء، ولقي الخصوم، واختلفوا، فقيل: المراد به منافقو اليهود، عن ابن عباس والحسن وأكثر أهل العلم «الَّذِينَ آمَنُوا» يعني محمدًا وأصحابه، وقيل: أبا بكر وعمر «قَالُوا آمَنَّا» أي صدَّقنا وتبعنا رسول اللَّه ÷ «وَإذَا خَلاَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ» قيل: خلوا برؤسائهم وأحبارهم نحو كعب بن الأشرف وأمثاله «قَالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ» أتخبرونهم «بِمَا فَتَحَ اللَّه عَلَيكُمْ» قيل: بما حكم اللَّه عليكم من اتباع النبي