قوله تعالى: {وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة قل أتخذتم عند الله عهدا فلن يخلف الله عهده أم تقولون على الله ما لا تعلمون 80}
  قلنا: قال الخليل؛ لأن أصلها لا أن، وأنكر ذلك سيبويه؛ لأنه لو كان كذلك لما جاز: زيدًا لن أضرب، وهو جائز، كما يجوز زيدًا لم أضرب، ومذهب سيبويه أنه حرف للنصب أصل فيه، كما أنّ {أَنْ} كذلك.
  · النزول: قال ابن عباس ومجاهد: قدم النبي ÷ المدينة، واليهود تزعم أن مدة الدنيا سبعة آلاف سنة، وإنما نعذب بكل ألف سنة يوما واحدا ثم ينقطع العذاب بعد سبعة أيام، فأنزل اللَّه تعالى هذه الآية. وقال قتادة وعطاء: زعمت اليهود أن العذاب يكون أربعين يومًا، وهو الذي عبد آباؤهم فيها العجل، مدة غيبة موسى. وقال الحسن وأبو العالية: قالت اليهود: إن ربنا عتب علينا في أمر فأقسم ليعذبنا أربعين ليلة، ثم يدخلنا الجنة، فلن تمسنا النار إلا أربعين ليلة تحلة القسم.
  · النظم: لما تقدم ذكر اليهود وأفعالهم وأحوالهم في الكفر بَيَّنَ تعالى الذي أغراهم به، وحملهم على ذلك، وهو اعتقادهم أنه يعذب أيامًا ثم ينقطع، وقال: إنهم ألقوا إلى عوامهم ذلك تطييبًا لقلوبهم، واجتراء على المعاصي، وقيل: سمعوا من المسلمين الوعيد، فأظهروا لعوامهم ذلك خلافًا، كما يفعله علماء السوء من المرجئة في زماننا.
  · المعنى: «وَقَالُوا» يعني علماء اليهود ورؤساؤهم: «لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا» قيل: لن يصيبنا عذاب النار «إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً»، قيل: معناه أيامًا قليلة، كقوله: {دَرَاهِمَ مَعدُوَدةٍ} وقيل: أراد أيامًا معدودة مُحْصَاة، ثم اختلفوا في تلك الأيام، فقيل: سبعة أيام تقابل سبعة آلاف سنة من سني الدنيا عن ابن عباس ومجاهد. وقيل: أربعين يومًا بمقدار ما عبدوا فيها العجل، عن قتادة والأصم. وقيل: أربعين تحلة القسم، عن الحسن. وقيل: أربعين سنة، وذلك أن اليهود وجدوا في كتابهم أن ما بين طرفي