قوله تعالى: {صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين 7}
  استثناء، لا تقول: جاءني القوم إلا زيدا ولا عمرا، ومن أجازه على الاستثناء جعل (لا) صلة، كقوله تعالى: {مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ} أي ما منعك أن تسجد.
  و (عليهم): في موضع رفع؛ لأنه اسم ما لم يُسَمَّ فاعله، فأما من قال: أراد غير المغضوبين فحذف توسعا فغير صحيح؛ لأنه بمنزلة الفعل المتقدم كقولك: ضُرِبَ أخواك، وضرب إخوتُك.
  · المعنى: ثم بين تعالى أن الطريق الذي ذكره طريق الأنبياء والصالحين، فقال: «صِرَاطَ» أي طريق «الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيهِمْ» بألطافك حتى ثبتوا على الحق، وقيل: هم من ذكر في قوله: {فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّه عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ} الآية. وقيل: من أنعمت عليهم من ذرية آدم، وقيل: طريق بني إسرائيل، فإنه قال: {يَابَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ} وقيل: أنعم اللَّه عليهم بالرضا عنهم، وقيل: بقبول طاعتهم، وقيل: هم أصحاب النبي ÷ وأهل بيته، عن سهل بن حوشب.
  «غَيْرِ الْمَغْضُوب عَلَيْهِمْ» قيل: اليهود «وَلاَ الضَّالِّينَ» النصارى، روي ذلك مرفوعا، وخص اليهودَ بالغضب، لقوله: {فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ} ووصف النصارى بالضلال، فقال: {قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ ٧٧}، وقيل: أراد جميع الكفار، وجمع بين الأوصاف لما فيه من الفائدة، كما تقول: إنه تعالى قادر حي سميع بصير، وقيل: غير المغضوب عليهم بالبدعة، ولا الضالين عن السنة.
  · الأحكام: الآية تدل على وجوب اتباع سبيل الأنبياء والمؤمنين، وأن طريقهم تجمع أربعة أوصاف: أنه الطريق المستقيم، وطريق من أنعم اللَّه عليه من النبيين، وطريق غير المغضوب عليهم، وطريق غير أهل الضلالة. وفي كل وصف زيادة فائدة ليس في الآخر.
  وتدل على أن من عدل عن طريق المؤمنين غضب اللَّه عليه، فمن هذا الوجه تدل على أن إجماعهم حجة.