قوله تعالى: {ياأيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين 64 ياأيها النبي حرض المؤمنين على القتال إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفا من الذين كفروا بأنهم قوم لا يفقهون 65 الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين وإن يكن منكم ألف يغلبوا ألفين بإذن الله والله مع الصابرين 66}
  الكفار «وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ» من المسلمين «أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ» قيل: بِأَمْرِهِ ونصره، وقيل: بعلمه، وهذا أيضا خبر، والمراد الأمر «وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ» أي: نصرته مع من صبر وثبت في الحرب محتسبًا.
  · الأحكام: تدل الآية الأولى أن الانقطاع إلى اللَّه - تعالى، والتوكل عليه لا يمنع من الاعتضاد بالمؤمنين.
  وتدل الآية الثانية على وجوب قيام واحد من المسلمين لعشرة من المشركين، وألّا يفر منهم، وكان ذلك فرضًا، ثم نسخت الآية بقوله: {الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ}، عن ابن عباس والحسن وقتادة وعكرمة ومجاهد والسدي وعطاء وأبي علي، قال أبو علي |: ونزلت الآية بعد الأولى بمدة طويلة وإن كانت إلى جنبها.
  قال القاضي: والمعتبر في الناسخ والمنسوخ بالنزول دون التلاوة، فإنها قد تتقدم وتتأخر، ألا ترى أن عدة الوفاة الناسخ مقدم على المنسوخ في التلاوة، وإن كان متأخرًا في النزول.
  وعن ابن عباس: مَنْ فَرَّ عن رجلين فقد فر، ومن فر عن ثلاثة لم يفر.
  وعن الحسن: أن التغليظ كان على بدر، ثم جاءت الرخصة، ونزل على جواز النسخ في القرآن؛ لأن جميع المفسرين حملوه على النسخ غير أبي مسلم فإنه منع أن قوله: «صابرون» تكلفًا حتمًا، قال: ولكن أوجبت أولاً بقدرة القوة والعزيمة، وثانيًا بِقَدْرِ القوة والعزيمة يكفون فلما اختلفت الحالتان اختلف التكليفان ولا