التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله شاهدين على أنفسهم بالكفر أولئك حبطت أعمالهم وفي النار هم خالدون 17 إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين 18}

صفحة 3056 - الجزء 4

  وتدل على أن هذه الأعمال حادثة من جهتهم، وليست بخلق اللَّه، فيبطل قول مخالفينا في المخلوق.

  وتدل على أن المساجد تعمر بهذه الطاعات.

  وتدل على أن الاحتجاج في الدين ومجاراة العلم وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وجميع ما هو طاعة عمارة للمسجد، ويستحب ذلك في المسجد، إلا أن يخاف منه ما لا يجوز في المسجد.

  وتدل على أن للحاكم أن ينتصب للحكم في المسجد على ما يقوله أبو حنيفة، خلاف ما يقوله الشافعي.

  وتدل على أن الاهتداء لا يتكامل إلا بجميع الخصال المذكورة في الآية.

  وتدل على وجوب الإخلاص؛ لأن قوله: «وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ» يجوز أن يخاف غيره في باب الدنيا.

  وتدل على أن الكون في المساجد ولزومها عبادة؛ لأنه يكون عمارة لها.

  وروى أبو سعيد الخدري عن النبي ÷ أنه قال: «إذا رأيتم الرجل يعتاد المساجد فاشهدوا له بالإيمان فإن اللَّه - تعالى - يقول: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ}.

  وعن أنس عن النبي ÷: «عمار بيت اللَّه هم أهل اللَّه».

  وكتب سلمان إلى أبي الدرداء: ليكن المسجد بيتك فإني سمعت النبي ÷: «المسجد بيت كل تقي».