التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون 29}

صفحة 3079 - الجزء 4

  الأمر الأقل أي: قضي ويتوب، وفي الحديث: «لا يجزئ عن أحد بعدك» أي: لا يقضي، ويقال: جزى عني بغير همز، وجزاه اللَّه جزاء أي: قضاه اللَّه ما أسلف، فإذا كان بمعنى الكفاية قلت: جزأ عني، وجزأ بالهمزة في الحرفين، والجزية «فِعْلَة»، جزى يجزي، وهو مثل القعدة والجلسة، وهي عطية مخصوصة جزاء لهم على تمسكهم بالكفر وعقوبة لهم، واختلفوا مم أخذ، فقيل: من الجزاء؛ لأنه عقوبة على كفرهم وجزاء عن علي بن عيسى. وقيل: إنه من الإجزاء يعني الكفاية؛ لأنهم إذا أدوها أغنى عنهم واجتزى المؤمنون بها منهم، وتقويهم على ما هم عليه بأخذه، عن أبي مسلم. وقيل: إنها عبادة شرعية عن حق مخصوص تؤخذ من أهل الكتاب، فكما المأخوذ من المسلم يسمى زكاة فالمأخوذ من الكافر يسمي جزية، وكما أن الزكاة تحتاج إلى بيان كذلك الجزية.

  والدين في الأصل الطاعة، يقال: دان له بدينه دينًا إذا أطاعه، ثم يستعمل الدين في الجزاء، والدين: الحساب، والدين ما يدان به، والدين: العادة.

  والصَّغَار: النكال الذي يصغر مقدار صاحبه، صَغُرَ يَصْغُرُ صغارًا، وهو صاغر.

  · الإعراب: «دِينَ الْحَقِّ» أضاف الاسم إلى الصفة، وتقديره: لدين الحق، كما يقال: مسجد الجامع.

  · النزول: قيل: نزلت الآية حين أمر رسول اللَّه ÷ بحرب الروم، فغزا بعد نزولها غزوة تبوك، عن مجاهد.