قوله تعالى: {ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين 89}
  و «قَبْلُ»: مبني على الضم، وإنما بني لأنه بمعنى الغاية، وذلك أن غاية الاسم الإضافة، فلما قطع عنها صار كبعض الاسم.
  ويقال: أين جواب لما؟
  قلنا: فيه ثلاثة أوجه:
  قيل: محذوف كقوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ} فجوابه محذوف، وهو لكان هذا القرآن عن الأخفش والزجاج.
  وقيل: إنه على التكرير لطول الكلام، والجواب «كفروا» ومثل: {أَيعِدُكُمْ أَنَّكُمْ} إلى قوله: {أَنَّكُمْ مخرجون} عن المبرد.
  والثالث: أن تكون الفاء جوابًا لـ (لما) الأولى، وكفروا جوابا لـ (لما) الثانية، وهو قوله: {يَأتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوفٌ عَلَيهم} الآية، عن الفراء.
  · النزول: قيل: نزلت في بني قريظة والنضير كانوا يستفتحون على الأوس والخزرج برسول اللَّه ÷ قبل البعث فلما بعث من العرب، ولم يكن من بني إسرائيل كفروا به وجحدوا ما كانوا يقولون فيه، فقال لهم معاذ بن جبل، وبشر بن البراء بن معرور: يا معشر اليهود، اتقوا اللَّه وأسلموا فقد كنتم تستفتحون علينا بمحمد، ونحن أهل شرك وتصفونه، وتذكرون أنه مبعوث، فقال سلام بن مشكم أخو بني النضير: ما جاءنا بشيء نعرفه، وما هو بالذي كنا نذكر لكم. فأنزل اللَّه تعالى هذه الآية في ذلك، عن ابن عباس وقتادة وأبي العالية وابن زيد والسدي.
  وقيل: نزلت في أحبار اليهود، وكانوا إذا قرؤوا ذكر محمد في التوراة وأنه مبعوث، وأنه من العرب، ووصفوا له العلامات، فيسألون مشركي العرب عن تلك الصفات ليعلموا هل ولد فيهم من يوافق حاله ما أنزل إليهم، فلما جاءهم يعني محمدا ÷ كفروا به حسدًا وعنادًا، وإيثارًا لعاجل الدنيا، عن أبي مسلم.
  وقيل: هو عام في جميع اليهود، وذلك غير صحيح؛ لأن الكتمان على الجمع العظيم لا يجوز.