التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ألا إن لله من في السماوات ومن في الأرض وما يتبع الذين يدعون من دون الله شركاء إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون 66 هو الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه والنهار مبصرا إن في ذلك لآيات لقوم يسمعون 67}

صفحة 3395 - الجزء 5

  · الإعراب: (ما) في قوله: «وَمَا يَتَّبِعُ» يحتمل وجهين:

  الأول: أن يكون (ما) الاستفهام بمعنى (أي) كأنه قيل: أي شيء يتبع الَّذِينَ يدعون من دون اللَّه شركاء؟ تقبيحا لفعلهم.

  الثاني: بمعنى النفي كأنه قيل: ما يتبعون شركاء في الحقيقة.

  واللام في قوله: «لتسكنوا» معناه الغرض الذي وقع الفعل لأجله، فخلق الليل لتسكنوا، وليزول التعب والكلال، وخلق النهار ليهتدوا في حوائجهم.

  و (مَنْ) يتناول مَنْ يعقل، و (ما) يتناول ما لا يعقل، ثم يستعمل أحدهما في موضع الآخر، و (من) تَعُمُّ في الاستفهام والجزاء.

  · المعنى: لما تقدم أن العزة لله، وأنه القادر على إنجاز وعده ووعيده، حقق ذلك. ودل عليه ملك السماوات والأرض، فقال سبحانه: «أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ» كلهم ملكه وخلقه وعبيده، يجري حكمه فيهم، وينفذ قهره على جميعهم «وَمَا يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ شُرَكَاءَ» أراد: أنهم ليسوا في عبادتهم للأوثان وزعمهم أنهم شركاء على شيء، وقيل: ما الذي يدعوهم إلى ذلك، عن الأصم. وقيل: ما يتبعون في ذلك علمًا ومعرفة، عن أبي علي. «إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ» يعني يتبعون الظن فيما يدينون به دون الحقيقة والعلم، وهو قولهم للأوثان: آلهة، فاتبعوا هذا الظن، الكاذب، وقيل: ظنهم أنها تشفع لهم يوم القيامة، ثم بين أنه لا حكم لهذا الظن فقال تعالى: «وَإنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ» أي: يكذبون «هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيلَ لِتَسْكُنُوا» يعني خلق الليل لسكونكم وراحتكم، وليزول عنكم التعب، فكأنه يلبسكم بظلمته دعة وراحة «وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا» فيبصرون فيه، ويهتدون لحوائجهم بالأبصار «إِنَّ