قوله تعالى: {أوكلما عاهدوا عهدا نبذه فريق منهم بل أكثرهم لا يؤمنون 100}
  قلنا: لأنه ظرف، والعامل قيه (نَبَذَ)، ولا يجوز أن يعمل فيه «عَاهَدُوا»؛ لأنه منهم و (ما) إما صلة وإما صفة.
  · النزول: قال ابن عباس: لما ذكر النبيّ ÷ ما عهد اللَّه إليهم في التوارة في أمره والإيمان به، قال مالك بن الصيف: واللَّه ما عُهِدَ إلينا في محمد عَهْدٌ ولا ميثاق، فنزلت الآية، وقيل: عاهدوا النبيّ ÷ عهودًا منها ألا يعينوا الكفار عليه، ثم نقضوا يوم الخندق ذلك، فأعانوا قريشًا، وأرادوا أن يلقوا عليه حجرًا فأخبره اللَّه بذلك، وذلك في قريظة فنزلت الآية، عن عطاء.
  · المعنى: ثم أخبر تعالى عن اليهود أيضًا فقال: «أَوَكُلَّمَا» هو استفهام والمراد الإنكار، و (كلما) لفظة تقتضي التكرار، والمراد به: قد تكرر منهم العهد والنقض «عَاهَدُوا» يعني اليهود «عَهْدًا» قيل: هو الميثاق الذي أخذه اللَّه عليهم لتؤمنن بالنبي الأمي، عن ابن عباس، وقيل: أراد العهود التي كانت اليهود أعطتها من أنفسهم أيام أنبيائهم، وفي أيام نبينا؛ لأنهم عاهدوه أن لا يعينوا عليه مشركًا، ثم نقضوا، وأعانوا قريشًا يوم الخندق، عن أبي علي. وقيل: هو العهود التي كانوا يعطون: لئن خرج النبيّ ÷ لنؤمنن به، ولنخرجن المشركين من ديارهم قبل البعث، فلما بعث كفروا به، ونظيره {وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا} وقيل: كانوا يعاهدون اللَّه كثيرًا، وينقضون، فأخبرهم بما يعلمونه من أنفسهم ما لا يعلمه غيره تعالى، عن الأصم.
  وقيل: هو العلم بالتوراة وما فيها فلم يفعلوا، وكتموا وحرفوا إلا القليل، وهم الَّذِينَ أسلموا «نَبَذَهُ» قيل: نقضه، وقيل: ألقاه وتركه «فَرِيقٌ مِنْهُمْ» أي جماعة، يعني أن جماعة نبذوا العهد «بَلْ أَكْثَرُهُمْ» يعني أكثر المعاهدين «لاَ يُؤْمِنُونَ» ودخل عليه (بل) لوجهين: أحدهما: أنه لما نبذه فريق بالنقض، وفريق بالجحد والتكذيب، ومعنى لا