التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ولما جاءهم رسول من عند الله مصدق لما معهم نبذ فريق من الذين أوتوا الكتاب كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون 101}

صفحة 516 - الجزء 1

  · المعنى: ثم أخبر تعالى عن اليهود، وما قابلوا به رسوله، فقال تعالى {وَلَمَّا جَاءَهُمْ} يعني جاء اليهود الَّذِينَ كانوا في عصر النبي ÷ قيل: محمد ÷ عن السدي وأكثر المفسرين، وقيل: أراد بالرسول الرسالة، قال الشاعر:

  لَقَد كَذَبَ الوَاشُونَ مَا بُحْتُ عِنْدَهُمْ ... بِلَيْلَى وَلاَ أَرْسَلْتُهُمْ بِرَسُولِ

  عن أبي مسلم، قال علي بن عيسى: وهذا خلاف الظاهر، وقليل في الاستعمال «مُصَدّقٌ لِمَا مَعَهُمْ» قيل: مصدق لكتبهم؛ لأنه جاء على الصفة التي تقدمت البشارة، وقيل: يصدق بالتوراة، أنها حق من عنداللَّه «لِمَا مَعَهُمْ» قيل: التوراة والإنجيل، عن الحسن، وقيل: التوراة؛ لأن الخبر عن اليهود دون النصارى «نَبَذَ» قيل: ترك وألقى «فَرِيقٌ» طائفة «مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ».

  ومتى قيل: لم قيل: «مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ» ولم يقل: منهم وقد تقدم ذكرهم؟

  قلنا: فيه قولان:

  الأول: أنه أريد به علماء اليهود، فأعيد ذكرهم لاختلاف المعنى، عن أبي القاسم.

  الثاني: للبيان لما طال الكلام.

  «كِتَابَ اللَّه» قيل: القرآن، عن أبي علي، وقيل: التوراة، عن السدي والأصم وأبي مسلم، قال السدي: نبذوا التوراة، وأخذوا بكتاب آخر، وسحر هاروت وماروت «وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ» هذا كناية عن تركهم العمل به، فأخير أنهم كفروا بإنكار الرسل، ونبذهم كتاب اللَّه وراء ظهورهم.

  ويقال: هل كان هَؤُلَاءِ معاندين؟

  قلنا: نعم عن قتادة وأكثر أهل العلم، قال أبو علي: ولا يجوز على جماعتهم