قوله تعالى: {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات وأخبتوا إلى ربهم أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون 23 مثل الفريقين كالأعمى والأصم والبصير والسميع هل يستويان مثلا أفلا تذكرون 24}
  وقال أبو القاسم: هو يرجع إلى العلم بالمدركات، فأما السميع البصير فليس بصفة زائدة على كونه حَيًّا، وإنما الصفة المتجددة بكونه سامعًا، رأيا عند أبي هاشم.
  وقال أبو علي: هما صفتان أيضًا، فأما العمى والصمم فهو آفة، وليس بمعنى، خلافًا للأشعرية.
  · الإعراب: قوله: «إلى ربهم» قيل: معناه (اللام) أي: لربهم، وحروف الإضافة تتبادل إذا تقاربت المعاني، كقوله: {أَوحَى لَهَا}، أي: إليها، وقيل: معناه توجهوا بإخباتهم إليه.
  والواو في قوله: «كالأعمى والأصم» واو عطف، وقيل: إنما دخل الواو لعموم السببية أي: حال الكافر كحال الأعمى، وكحال الأصم، وكحال مَنْ جَمَعَ العمى والصمم، وقيل: المعنى واحد، ودخل الواو لاتصال الصفة الثانية بالأولى.
  · المعنى: لما تقدم ذكر العقاب للكفار عقبه بذكر ما أعد للمؤمنين، ووصف المؤمنين على عادته تعالى في اقتران الوعد والوعيد، فقال سبحانه: «إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا» صدقوا اللَّه ورسله «وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ» الطاعات «وَأَخْبَتُوا إِلَى رَبِّهِمْ» قيل: أنابوا وتضرعوا، عن ابن عباس، وقتادة، والأصم. وقيل: اطمأنوا إلى ذكر الله، عن مجاهد. وقيل: أخلصوا، عن مقاتل. وقيل: تخشعوا وخضعوا، عن الحسن، والأخفش، وأبي علي، وأبي مسلم، والكل متقارب «أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ» دائمون.
  ثم ذكر مثلًا للفريقين، فقال سبحانه: «مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ» يعني المؤمن والكافر «كَالْأَعْمَى وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ» سمي المؤمن بالسميع البصير والكافر بالأعمى