قوله تعالى: {حتى إذا جاء أمرنا وفار التنور قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول ومن آمن وما آمن معه إلا قليل 40}
  ومتى. قيل: لِمَ بدأ بسائر الحيوانات، ثم بأهله؟
  قلنا: الواو للجمع، ولا توجب الترتيب، وقيل: لأنهم لا يهتدون بأنفسهم إلى النجاة، فإنجاؤهم واجب، وقيل: هم كانوا أكثر، فكان الشغل بهم أعظم، وقيل: لعلم نوح بحاجة الخلق إليهم، وقيل: ليعلموا أن منزلة الكلب والخنزير عند اللَّه أعظم من منزلة الكفار أن نجاها وأهلكهم «إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيهِ الْقَوْلُ» يعني: لا تحمل فيها من سبق الوعد بهلاكه، قيل: ابنه وامرأته، وكانا كافرَين، عن الضحاك، وابن جريج. «وَمَنْ آمَنَ» أي: احمل من آمن بك في السفينة «وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ» قيل: القليل الذي نجا سبعة: نوح، وثلاثة بنين، وثلاث أخر، عن الأعمش، وقيل: ثمانية: نوح، وامرأته، وبنوه ونساؤهم، عن ابن جريج، وقتادة، والحكم، ومحمد بن كعب، سوى نسلهم، عن ابن إسحاق. وقيل: كانوا اثنين وسبعين رجلاً وامرأة وبنيه الثلاثة، وقيل: كانوا ثمانين فيهم ثلاثة هم بنوه: سام، وحام، ويافث، عن ابن عباس والكلبي وأبي علي. وقيل: كانوا عشرة سوى نسائهم، فكان الجميع ثمانية وسبعين نفسًا، وحمل معه جسد آدم، عن مقاتل.
  · الأحكام: تدل الآية على أنه تعالى خلص نوحًا والمؤمنين في السفينة، وأهلك الكفار، وفيه ترغيب وترهيب وتحذير [لئلا يسلكوا] سبيل أولئك الكفار.
  وتدل على أنه حمل من كل صنف زوجًا لتكون بهم عمارة الدنيا.
  وتدل على أن المؤمنين قلة بالإضافة إلى الكفار.
  وتدل على أن الحق لا يعلم بالكثرة، ولا تضرهم القلة، وإنما يعرف الحق بالدليل، ولهذا قال علي بن أبي طالب #: «يا حارِ، الحق لا يعرف بالرجال، اعرف الحق تعرف أهله».
  وما روي أن إبليس ركب السفينة اختلفوا، فمنهم من جوزه، ومنهم من أبى