قوله تعالى: {ولقد أرسلنا موسى بآياتنا وسلطان مبين 96 إلى فرعون وملئه فاتبعوا أمر فرعون وما أمر فرعون برشيد 97 يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النار وبئس الورد المورود 98 وأتبعوا في هذه لعنة ويوم القيامة بئس الرفد المرفود 99}
  «وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا» أي: حججنا، قيل: العصا واليد، عن الأصم، وقيل: سائر الأدلة «وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ» أي: حجة بينة واضحة سلطت على إبطال كل مذهب فاسد، وإنما ذكر الآيات والسلطان، وإن كان معناهما واحدًا لاختلاف اللفظ، كقول الشاعر:
  يَنْأَ عَنّي وَيَبْعُدِ
  وقيل: معناهم مختلف، فالأول من جهة أنها عبرة عظيمة، والثاني: من جهة أنه قوة على إبطال أمر المبطل «إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ» قيل: جماعته، وقيل: أشراف قومه «فَاتَّبَعُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ» أي: اتبعوا ضلالة فرعون تقليدًا، وتركوا هدى موسى مع الحجج، كما هو عادة العوام «وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ» أي: لا يأمر برشد، ولا يهدي إلى خير، وقيل: في تكذيب موسى، وقيل: في قوله: {أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى} وقيل: في جميع أفاعيله «يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» أي: يتقدمهم فيقودهم إلى النار، كما قادهم إلى الكفر «فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ» أي: أدخلهم.
  ومتى قيل: لماذا ذكر بلفظ الماضي والمراد به المستقبل؟
  قلنا: قيل: فيه وجوه:
  قيل: لدلالة تقدمهم، ولأنه المعلوم من ذلك، عن أبي علي.
  وقيل: لأن ما هو كائن لا محالة، كأن قد كان.
  ومتى قيل: أليس اللَّه تعالى أمر بهم ليدخلوا النار، فكيف أضاف إلى فرعون؟
  قلنا: لأنه بسببه ودعائه إلى الضلالة.
  «وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ» أي: بئس المنزل الموصول إليه، عن أبي مسلم، وقيل: بئس المدخل لمن دخله، عن أبي القاسم، وهو على هذا حقيقة، وقيل: بئس القوم الَّذِينَ يردون النار، عن أبي علي، وهو على هذا توسع، وقيل: بِئْسَ الوقت الذي