قوله تعالى: {وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين 103 وما تسألهم عليه من أجر إن هو إلا ذكر للعالمين 104 وكأين من آية في السماوات والأرض يمرون عليها وهم عنها معرضون 105 وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون 106 أفأمنوا أن تأتيهم غاشية من عذاب الله أو تأتيهم الساعة بغتة وهم لا يشعرون 107}
  حجة ودلالة «فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ» قد بينا في مواضع ما فيها من الأدلة، وقيل: أراد الشمس والقمر والنجوم والسحاب والمطر، وما في الأرض من ألوان النبات والأشجار والفواكه، وقيل: أحوال الناس وآثار المتقدمين «يَمُرُّونَ عَلَيهَا» أي: يشاهدونها بالمرور عليها «وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ» يعني لا يتفكرون فيها، والمراد به الكفار «وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ» يعني ما يصدقون اللَّه ولا يعبدونه إلا ويشركون الأوثان في العبادة، قيل: هم مشركو قريش، أقروا بالحق، وعبدوا الأوثان، عن ابن عباس، ومجاهد، وقتادة، وقيل: أهل الكتاب، عن الحسن، وقيل: هذا في الدعاء، نسوا ربهم في الرخاء، ودعوه في البلاء، عن عطاء، وقيل: ما يؤمن أكثرهم إلا وكانوا مشركين قبل إيمانهم «أَفَأَمِنُوا» استفهام والمراد الإنكار، أي: لا يؤمنهم «أَنْ تَأْتِيَهُمْ غَاشِيَةٌ» قيل: عذاب يغشاهم، وهو عذاب الاستئصال، عن مجاهد، والأصم، وأبي مسلم، وقيل: مجللة، عن ابن عباس، وقيل: المراد به القيامة، عن أبي علي، وقيل: الصواعق والقوارع، عن الضحاك «أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً» يعني القيامة فجأة، قبل أن يعلموه أو يتوبوا «وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ» لا يعلمون قيامها، وسميت القيامة ساعة لتعجيل أمرها كتعجيل الساعة، قال ابن عباس: تهيج الصيحة بالناس وهم في أسواقهم.
  · الأحكام: تدل الآية على أن ترك الطمع وسؤال الأجر يؤثر في قبول الدعوة لذلك ذكره في أخبار الأنبياء.
  وتدل على أن المعارف مكتسبة، وعلى وجوب النظر.
  وتدل على جواز اجتماع التصديق والشرك، فأما الإيمان الشرعي فلا يجتمع مع الكفر، ولا يجوز اجتماع صفة مؤمن وصفة كافر؛ لأنه مدح وذم.
  وتدل على أن الإيمان والكفر فعلُهم، فيبطل قول الْمُجْبِرَةِ في المخلوق.