التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {مثل الجنة التي وعد المتقون تجري من تحتها الأنهار أكلها دائم وظلها تلك عقبى الذين اتقوا وعقبى الكافرين النار 35}

صفحة 3806 - الجزء 5

  كذا أو التي وعدتم مثل كذا، وذكر الزجاج عن سيبويه أن تقديره: مثل الجنة فيما نقص عليكم، فرفعه على الابتداء، وقيل: خبره محذوف تقديره: أنها تجري، وقيل: الخبر في قوله: «أُكُلُهَا دَائِمٌ».

  · المعنى: لما تقدم ما أعد للكفار بَيَّنَ تعالى ما أعد للمؤمنين، فقال سبحانه: «مَثَلُ الْجَنَّةِ» قيل: شبه الجنة، عن مقاتل. وقيل: صفة الجنة ونعيمها، عن الحسن، وأبي علي، وأبي مسلم، وأبي عبيدة. قال القاضي: وهو أقرب. وقيل: ذكر قوله: «مَثَلُ» تفخيمًا، والمعنى: الجنة التي وعد المتقون، وقد يراد المثل في كلام العرب كقوله: {لَيسَ كَمِثْلِهِ شّيءٌ} «الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ» يعني وعد دخولها «تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنهَارُ» أي: من تحت أشجارها وأبنيتها ومساكنها «أُكُلُهَا دَائِمٌ» قيل: ثمارها ومأكولاتها دائم لا ينقطع كما تنقطع ثمار الدنيا، عن الحسن، وأبي علي، وأبي مسلم. وقيل: نعيمها لا ينقطع بموت ولا بغيره من الآفات، عن ابن عباس. يعني حالها خلاف حال جنات الدنيا في الدوام «وَظِلُّهَا» يعني يدوم ظلها فلا يكون فيها شمس ولا حر ولا برد، ويجعل اللَّه تعالى ضوءها دائمًا على وجه ملتذ «تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا» يعني هذه الجنة عاقبة أمر المتقين الجنة وعاقبة أمر الكافرين النار، وعن ابن مسعود: الجنة سجسج لا حر فيها ولا برد.

  · النزول: قيل: المراد بالمتقين: أصحاب محمد صلى اللَّه عليه، وفيهم نزل، وبـ «الكافرين» مشركي قريش، عن ابن عباس.

  وقيل: هو عام، وهو الصحيح.