قوله تعالى: {بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن فله أجره عند ربه ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون 112}
  · اللغة: الوجه: مستقبل كل شيء، والوُجَاهُ والتُّجَاهُ: ما استقبل شيء شيئًا، يقال: داره تجاه دار فلان، ووجه الإنسان محياه؛ لأنه يواجهك، ووجه الأمر ما يبدو فيظهر بظهوره ما بعده، ويطلق وجه الشيء، ويراد نفسه، يقال: هذا وجه الرأي، ووجه الصواب، ومنه: {كُلُّ شَيءٍ هَالِك إِلَّا وَجْهَهُ}.
  والإسلام في اللغة: الاستسلام، وهو الانقياد، وفي الشرع الإيمان والإسلام واحد، يقال: رجل مسلم ومؤمن، وأسلم يستعمل في شيئين: أسلم إليه كذا:
  صرفه إليه، وأسلم له، أي أخلص من قولهم: مسلم له أي خالص.
  · الإعراب: (بلى) تدخل في جواب الاستفهام كقوله: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} فأما ههنا فدخلت على تقدير: أَمَا يدخل الجنة أحد؟ فقيل: بلى من أسلم؛ لأن ما تقدم يقتضي هذا السؤال، ويحتمل أن يكون جوابًا للحجة على التكذيب، كقولك: ما قام زيد، فيقول: بلى.
  وموضع «وَهُوَ مُحْسِنٌ» نصب على الحال كأنه قيل: محسنًا، والواو واو الحال.
  · المعنى: ثم رد اللَّه تعالى عليهم مقالتهم فقال: «بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ» قيل: أسلم نفسه لله، بأن سلك طريق مرضاته، عن ابن عباس والربيع ومقاتل، وقيل: «وجْهُه» يعني: وجهه في الدين، عن الحسن، وقيل: وجهه لطاعته، وقيل: أخلص، وقيل: استسلم لأمر اللَّه وخضع له وتواضع «وَهُوَ مُحْسِن» قيل: وهو مؤمن، وقيل: محسن في أعماله، وقيل: مخلص «فَلَهُ أَجْرُهُ» يعني: جزاء عمله، وإنما وحده مع قوله: «وَلاَ خَوْفٌ عَلَيهِمْ» لأن (مَنْ) لفظها لفظ الواحد، ومعناه معنى الجمع، فمرة يحمل على