التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وقد مكروا مكرهم وعند الله مكرهم وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال 46 فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله إن الله عزيز ذو انتقام 47}

صفحة 3902 - الجزء 5

  خلاف الظاهر، وقيل: إن التابوت انحطت فسمع حفيفها جبل فظن أنها أمر اللَّه سبحانه [فكادت] تزول، وهذا أضعف من الأول؛ لأن الجبل ليس بحي إلا أن يكون المراد أهل الجبل فيكون مجازًا على مجاز، فإذا جاز ذلك فلا حاجة لنا إلى إثبات الجبل، فإن المراد استعظام مكرهم، فسواء حمل على النفي والإثبات يصح من غير إثبات جبل زال عن مكانه «فَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ» أي: لا تظن أيها السامع أن اللَّه يخلف وعده «رُسُلَهُ».

  ومتى قيل: فكيف يتصل هذا بما قبله؟

  قلنا: قيل: يتصل بقوله: {وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ} فيجازيهم وينصر رسله فلا تحسبوا أنه مخلف وعده.

  وقيل: يتصل بقوله: {إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ} ثم اختلفوا، فقيل: لا تحسبن اللَّه يخلف وعده في العقوبة المعجلة للكفار، إن شاء عجلها وإن شاء أخرها، عن ابن عباس.

  وقيل: ما وعد رسله من النصرة في الدنيا والجنة في الآخرة، عن الحسن.

  وقيل: أراد به محمدًا ÷ وعده بأن يظهره على الدين، ويظفره بعدوه، وهو خطاب لمشركي قريش، ويتصل بقوله: {وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ} عن الأصم.

  وقيل: لا تحسبن اللَّه مخلف وعده في انتصاف المظلوم من الظالم، عن أبي علي، وأبي مسلم.

  «إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ» أي: قادر لا يصح عليه المنع «ذُو انْتِقَامٍ» أي: ذو عقوبة لمن عصاه.