قوله تعالى: {ينبت لكم به الزرع والزيتون والنخيل والأعناب ومن كل الثمرات إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون 11 وسخر لكم الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون 12 وما ذرأ لكم في الأرض مختلفا ألوانه إن في ذلك لآية لقوم يذكرون 13}
  · الإعراب: «مختلفاً» نصبه على الحال.
  · المعنى: ثم بين تعالى تفصيل ما أجمله في قوله: «يُنْبِتُ» ما فيه دليل ربوبيته، ثم عطف ما لا يتم تدبير الدنيا إلا به مما يدل على وحدانيته، فقال سبحانه: «يُنْبِتُ» أي: يخرج من الأرض «لَكُمْ» أي: لأجلكم ومنافعكم «بِهِ» أي: بالماء الذي ينزل من السماء «الزَّرْعَ» هو ما يزرع الناس لأقواتهم وأقوات دوابهم من الحبوب ونحوها «وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنَابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً» لحجة «لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ» في الدلائل، فتعلم أن لجميع ذلك صانعاً، ومدبرًا، وخص المتفكر لأنهم المنتفعون به، وإلا فهو حجة للجميع «وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيلَ وَالنَّهَارَ» أي: ذلك لمنافعكم «وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ».
  ومتى قيل: إذا كان الليل والنهار تحصل بحركات الشمس فلم أفردها بالذكر؟
  فجوابنا: لما فيها من الانتفاع سوى الليل والنهار «بِأَمْرِهِ» أي: بخلقه، ولا يحمل على حقيقة الأمر، لأنه جماد «إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ» لحجج «لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ» يستعمل عقله فيعرف كيفية دلائله، وقيل: للعقلاء لأن ما لا يعقل لا يصح منه الاستدلال به «وَمَا ذَرَأَ لَكُمْ» أي: وسخر لكم ما خلق لكم «فِي الأَرْضِ» سوى ما تقدم ذكره من أنواع النبات وأجناس الحيوانات كالدواب والسباع والطيور، وقيل: المراد به المعادن وسائر النعم «مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ» أي: أجناسه، وقيل: هيئاته «إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً» لحجة «لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ» الأدلة فينظرون فيها دون من يغفل ويسهو فلا يتذكرون، وخصهم به لأنهم المنتفعون به إذا نظروا فيه.