التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي أمر ربك كذلك فعل الذين من قبلهم وما ظلمهم الله ولكن كانوا أنفسهم يظلمون 33 فأصابهم سيئات ما عملوا وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون 34}

صفحة 4028 - الجزء 6

  ويقال: حاق به الشيء يحيق نزل، ومنه: {وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ}⁣[فاطر: ٤٣] والهزؤ: السخرية، والاستهزاء: طلب السخرية.

  · النزول.

  قيل: نزلت الآية في أهل مكة، عن الأصم.

  · المعنى: لما تقدم الوعيد للكافرين والمستهزئين والمستكبرين بين متى يكون، فقال سبحانه: «هَل يَنظُرُونَ» أي: هل يترقب هَؤُلَاءِ المشركون، وقال أبو علي: ينتظرون ما وعدهم اللَّه من العذاب، وإنما قال ذلك لما استطالوا العذاب، وقيل: أشار إلى أنهم أمهلوا للتوبة، فإذا لم يتوبوا أتاهم ما ذكر، عن أبي مسلم، واختلفوا من وجه آخر، فقيل: هل ينتظرون بإيمانهم إلا هذه الأحوال فيؤمنوا فلا ينفعهم، وقيل: هل يترقبون بتكذيبهم إلا هذه الأحوال «إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ» بعذاب الاستئصال «أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ» بالعذاب، والمراد بأمر ربك فعله، وقد يعبر بالأمر عن الفعل كقوله تعالى: {وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ}⁣[هود: ٩٧] «كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ» أي: عصوا كما عصى هَؤُلَاءِ فأهلكهم اللَّه «وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ» بعقوبتهم «وَلَكنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ» حيث عصوا فاستحقوا العذاب «فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُوا» قيل: نالهم جزاء أعمالهم، وقيل: عاد وبال معصيتهم عليهم وإعمالهم الحيلة «وَحَاقَ بِهِمْ» أي: