قوله تعالى: {وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا إن الله يعلم ما تفعلون 91 ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا تتخذون أيمانكم دخلا بينكم أن تكون أمة هي أربى من أمة إنما يبلوكم الله به وليبينن لكم يوم القيامة ما كنتم فيه تختلفون 92 ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن يضل من يشاء ويهدي من يشاء ولتسألن عما كنتم تعملون 93 ولا تتخذوا أيمانكم دخلا بينكم فتزل قدم بعد ثبوتها وتذوقوا السوء بما صددتم عن سبيل الله ولكم عذاب عظيم 94}
  وهو من باب فعل وأفعل بمعنى واحد، واستوفيت الكيل: أخذته تامًّا، وتوفيت استوفيت، ومنه: كيل واف.
  والعهد والعقد من النظائر، والعهد: الوصية، والعهد: الأمان، والعهد:
  الميثاق، والعهد: الضمان، ومنه: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِي}[البقرة: ٤٠] أي: بما ضمنتم من طاعتي أوفِ بما ضمنت لكم من الرحمة، والعهد: الذمة، ومنه: «كل ذي عهد في عهده»، وأصل الباب: الميثاق المؤكد.
  والتوكيد: التشديد يقال: أوكد عقدك أي: شده، وهي لغة الحجاز، وأهل نجد يقولون: أكدت تأكيداً.
  والأنكاث: الأنقاض، واحدها: نكث، والنكث: نكث العهد، وانتكثت انتقضت، وهذا قول لا نكيثة فيه. أي: لا خلف، والنكث أن تنقض أخلاق الأكسية وتغزل ثانية، وبها سمي الرجل نكثاً، وكل شيء نقض بعد الفتل فهو أنكاث حبلاً كان أو غزلاً.
  والدخل: أصله: ما أدخل في الشيء على فساد، والدخلة: باطن أمر الرجل، والدخل: العيب في الحسب، والدَّخَل كالدغل، ودخيلك الذي يداخلك في أمورك، وفلان دخل فيهم إذا انتسب معهم وليس منهم، والأصل في الجميع: الدخول خلاف الخروج، قال أبو عبيدة والكسائي: كل أمر لم يكن صحيحاً فهو دخل.
  وأربى: أفعل منْ الربا وهو الزيادة، ومنه: الربوة والربا في المال.
  والأمة: الجماعة في كل عصر، وأصله القصد، كأنهم قصدوا طريقة واحدة.
  {فَتَزِلَّ قَدَمٌ} عبارة عن الهلاك تقول العرب لكل مبتلى بعد عافية أو ساقط بعد سلامة: زلت قدمة، قال الشاعر:
  سيمنعُ مِنْكَ السَّبْقَ إِنْ كُنْتَ سَابِقًا ... وَتُلْطَمُ إِنْ زَلَّتْ بِكَ القَدَمَانِ