التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا 45 وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولوا على أدبارهم نفورا 46 نحن أعلم بما يستمعون به إذ يستمعون إليك وإذ هم نجوى إذ يقول الظالمون إن تتبعون إلا رجلا مسحورا 47 انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا فلا يستطيعون سبيلا 48}

صفحة 4222 - الجزء 6

  سبحانه: «وَإذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ» يا محمد «جَعَلْنَا بَينَكَ وَبَينَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ حِجَابًا مسْتُورًا» قيل: منعناهم عند قراءتك القرآن، وجعلنا بينك وبينهم حجاباً ساترًا، عن أبي علي، قال القاضي: وهو الأولى لأنه حمل اللفظ على حقيقته والسبب المنقول فيه، وقيل: هو ذم لهم وتشبيه أي: كأن بينك وبينهم حجاباً عن أن يدركوا ما يأتي به من الحكمة في القرآن فينتفعوا به، وقيل: جعلنا بينك وبين مشركي قريش حجاباً مانعاً أن ينالوك بشرٍّ، فلا يقدروا على منعك حتى تبلغ الرسالة، عن الأصم، وقيل: جعلنا بينك وبينهم حجاباً لا يرونك فيؤذونك ويقتلونك، وقيل: جعلنا بينك وبينهم فرقاً، والحجاب ما فرق بين الشيئين، ومعناه: باعدنا ما بينك وبينهم، فهو لك وللمؤمنين معك شفاء وهدى لقبولهم والعمل بما فيه، وللكافرين لما جحدوا فهو في آذانهم وقرًا وهو عليهم عمى، فهذا هو الوقر والحجاب، عن أبي مسلم. «مَسْتُورًا» قيل: حجاباً مستورًا، أي: ذلك الحجاب مستورًا عن أعين الناس، وقيل: هو بمعنى ساتر كما يقال مشتوم بمعني شاتم، وميمون بمعنى يامن، وزيفه أبو مسلم، وقال: هو تأكيد للحجاب، والحجاب والستر واحد، تقديره: حجاباً مستورًا، والمستور والستر واحد، فكأنه