قوله تعالى: {أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلها واحدا ونحن له مسلمون 133}
  كَذَبَتْكَ عَيْنُكَ أَمْ رأيت بِوَاسِطٍ ... غَلَسَ الظَّلاَمِ مِنَ الرَّبَابِ خَيَالاَ
  ولا تجيء منقطعة إلا وقد تقدمها كلام؛ لأنها بمعنى (بل)، والألف للاستفهام كأنه قيل: بل كنتم شهداء، ويكون معناه الجحد، أي ما كنتم شهداء.
  ويقال: لم جعل اللفظ على الاستفهام، والمعنى على خلافه؟
  قلنا: لأن إخراجه مخرج الاستفهام أبلغ في الكلام، وأشد مظاهرة في الحجاج، كأنه أراد منه أن يقر بذلك.
  ويقال: ما العامل في (إذ) الثانية؟ وبأي شيء يتصل؟
  قلنا: هي بدل من (إذ) الأولى، والعامل فيها معنى الشاهد، وقيل: العامل فيها معنى حضر.
  ويقال: بم انتصب «إلها واحدا»؟
  قلنا: فيه قولان: الأول: أنه حال من قوله «إِلَهَكَ»، والثاني: البدل من «إِلَهَكَ»، وتكون الفائدة فيه ذكر التوحيد.
  ويقال: ما موضع الجملة من «وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ»؟
  قلنا: نصب على الحال، وقيل: لا موضع لها؛ لأنها على الاستئناف.
  ويقال: ما موضع إبراهيم وإسماعيل؟ وما العامل فيه؟
  قلنا: محله خفض، والعامل فيه ما عمل في «آبَائِكَ»؛ لأنه بدل منه، فأما إسماعيل وإسحاق فعلى القراءة الظاهرة عطف على إبراهيم، ومترجم عليه، ومن وَحَّدَ فهو عطف من غير ترجمة.