قوله تعالى: {أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون 5}
  وفي رفع (أولئك) أربعة أوجه:
  الأول: أن يكون خبرًا لموصوفين بالصفات الثلاث المتقدمة.
  والثاني: أن يكون خبرًا للفريقين من مؤِمني العرب، ومؤمني أهل الكتاب.
  والثالث: أن يكون خبرًا لقوله: {وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ}.
  والرابع: الاستئناف، فيكون الرافع له: {أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ}.
  فأما (هم) في قوله {الْمُفْلِحُونَ} فيحتمل وجهين: أحدهما: أنه حرف، وقد بينا أنه عماد عند الكوفيين، وفَصْلٌ عند البصريين، وإنما يؤتى بها للتوكيد ولا موضع له من الإعراب، وإنما يُؤْذِنُ أن الخبر معرفة، أو ما قارب المعرفة، وقيل: إنما يؤتى به ليؤذن أن الذي بعده خبر ليس بصفة، وقيل: إنه اسم وخبره (المفلحون).
  والأحسن أن يكون. «أولئك» على الاستئناف؛ ليكون المعطوف مشاكلاً له.
  · المعنى: ولما وصف المتقين بهذه الصفات بين ما لهم عنده فقال تعالى: {أولَئكَ} قيل: إشارة إلى الموصوفين بجميع ما تقدم من الصفات، وهم جملة المؤمنين، وقيل: إلى صنفين أحدهما: من آمن من العرب. والثاني: مَنْ آمن مِنْ أهل الكتاب. «عَلَى هُدًى مِن رَبّهِمْ» قيل: من دِينِ ربهم، وقيل: على دلالة وبيان من ربهم، وإنما قال: «مِن رَبّهِمْ» لأن كل خير وهدى فمن اللَّه تعالى، إما لأنه فِعْلُهُ، أو لأنه عرض له، «وَأُوْلَئِكَ» كرر تفخيما وتعظيما، «هُمُ الْمُفْلِحُونَ» قيل: الظافرون بالبغية، وقيل: الباقون في الجنة؛ لأن. الفلاح البقاء.
  · الأحكام: الآية تدل على أن الفلاح لا يحصل إلا بهذه الخصال، التي علقها به؛ لأن المعلق به شرط لا يحصل عند عدم الشرط، فيبطل قول المرجئة.
  قال مجاهد: أربع آيات من أول السورة نزلت في المؤمنين، واثنتان بعدها نزلت في الكافرين، وثلاث عشرة آية في المنافقين، وقيل: ذلك يدل على عظم حالهم