التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر ربه أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو بئس للظالمين بدلا 50 ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم وما كنت متخذ المضلين عضدا 51 ويوم يقول نادوا شركائي الذين زعمتم فدعوهم فلم يستجيبوا لهم وجعلنا بينهم موبقا 52}

صفحة 4439 - الجزء 6

  ومنها: قوله: «أَفَتَتَّخِذُونَهُ» توبيخاً على اتخاذهم إياه ولياً، ولو كان هذا هو الذي خلق الاتخاذ فيهم فما معنى توبيخهم.

  ومنها: قوله: {وَهُم لَكُم عَدُوٌّ} أي: أن شيء بيده حتى يعادى، وكل ما صنعه وأظهره فهو عندهم خلق اللَّه فيهم، فلو كانت العداوة لأجل الإضلال لكان خالق الإضلال أولى بذلك من محل الضلال.

  ومنها: {وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا} وكيف يصح ذلك وهو المضل في الحقيقة.

  ومنها: قوله: {بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا} ولو كان هو خالق الكفر وهو الذي يضل عن الدين به وإبليس لا يقدر على شيء من ذلك ولا إليه أحداث شيء من ذلك فبئس البدل على مذهبهم خالق الضلال والكفر لأن من ليس بيده شيء من ذلك، تعالى اللَّه عن ذلك علواً كبيرًا.

  وتدل الآية أن ما يصفه المنجمون من ترتيب خلق الأشياء غير ما نطق به القرآن وهيئة السماوات والأرض هيئة النجوم والأشياء لا أصل لها، لأنه ذكر أنه لم يشهدهم خلقها حتى يشاهدوا، ولا دل السمع على ذلك.