التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وإذ قال موسى لفتاه لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين أو أمضي حقبا 60 فلما بلغا مجمع بينهما نسيا حوتهما فاتخذ سبيله في البحر سربا 61 فلما جاوزا قال لفتاه آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا 62 قال أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره واتخذ سبيله في البحر عجبا 63 قال ذلك ما كنا نبغ فارتدا على آثارهما قصصا 64}

صفحة 4450 - الجزء 6

  ولا أبرح أفعل ذلك؛ أي: لا أزال أفعله، وما أبرح هذا الأمر أي: ما أدعه.

  والحقب: واحد، جمعها أحقاب، والحقب: الدهر والزمان، والحقبة جمعها:

  أحقب، يقال: إنه ثمانون عاماً، والحقب: الدهر، وجمعه: أحقاب.

  والسرب: الماء السائل من المزادة، قال ذو الرمة:

  [كأنَّهُ من كُلى مَفْرِيَّةٍ سَرَبُ]

  وقد سرب سرباً سال، واستعير ذلك فى السير، يقال للذاهب فى الأرض:

  سارب، سرب سروباً، قال اللَّه تعالى: {وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ}⁣[الرعد: ١٠] وقال الشاعر:

  [أنَّى سَرَبْتِ وكنتِ غيرَ سَرُوْبِ ... وتُقَرِّبُ الأحلامُ غيرَ قريبِ]

  والمجاوزة: الخروج عن الحد، يقال: تجاوز اللَّه عن فلان، أي: تجاوز بعقابه عنه، يعني أزال العقاب عنه.

  والغداء: طعام الغداة، كما أن العَشاء طعام العَشِي، والتغدي: أكل طعام الغداة، وأصل الباب: الغداة.

  والنصب والوصب والتعب نظائر، وهو الوهن الذي يكون عن الكَلِّ.

  · الإعراب: العامل في قوله: «وإذ» محذوف، تقديره: واذكر إذ قال موسى: (نبغِ) إنما هو نبغي فحذف الياء استخفافاً ولدلالة الكسر عليه، (وكان القياس أن لا تحذف لأنهم إنما يحذفون الياء في الأسماء)، وهذا فعل إلا أنه قد يجوز على ضعف القياس