التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {قال هذا فراق بيني وبينك سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا 78 أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر فأردت أن أعيبها وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا 79 وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين فخشينا أن يرهقهما طغيانا وكفرا 80 فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا منه زكاة وأقرب رحما 81 وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لهما وكان أبوهما صالحا فأراد ربك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما رحمة من ربك وما فعلته عن أمري ذلك تأويل ما لم تسطع عليه صبرا 82}

صفحة 4474 - الجزء 6

  قتادة، وأبي علي، وعكرمة، وأنكر الأصم أن يكون علماً. وقيل: كان مالاً، وروى أبو الدرداء عن النبي ÷ وآله وسلم «أنه كان ذهباً وفضة».

  «وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا» قيل: اسمه كاشح وهو أبوهما، وقيل: كان الأب الصالح السابع من آبائهما.

  ومتى قيل: ما فائدة ذكر الصلاح، ولو كان غير صالح حسن الحفظ؟

  قلنا: قيل: كان كنزًا من حلال أدي حق اللَّه فيه، فلم يكن لأحد فيه حق، فحفظ لهذا، وقيل: ذكره ترغيباً ولطفاً في الصلاح، وقيل: ليعلم أن صلاح الآباء قد يكون سبباً لحفظ الأبناء.

  «فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا» قوتهما، قيل: ثماني عشرة سنة، وقيل غير ذلك، والأصح أنه حال اجتماع القوة والعقل فيتمكن من التصرف ويعلم كيفيته، وهو قول أبي مسلم. «وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا» أي: يخرجا كنزهما «رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ» أي: كان ذلك نعمة منه عليهما «وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي» أي: من رأيي وتلقاء نفسي ولكن بأمر اللَّه تعالى «ذَلِك» الذي قلته «تَأْوِيلُ» تفسير «مَا لَمْ تَسْطِعْ عَلَيهِ صَبْرًا» أي صبرًا، لم تطاوع نفسك على الصبر عليه.