التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {قال هذا فراق بيني وبينك سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا 78 أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر فأردت أن أعيبها وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا 79 وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين فخشينا أن يرهقهما طغيانا وكفرا 80 فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا منه زكاة وأقرب رحما 81 وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لهما وكان أبوهما صالحا فأراد ربك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما رحمة من ربك وما فعلته عن أمري ذلك تأويل ما لم تسطع عليه صبرا 82}

صفحة 4476 - الجزء 6

  وتدل على أن المحبة الشديدة قد تصرف عن الهدى لأن أبويه لفرط محبتهما كانا يتبعانه لو بقي.

  ومتى قيل: فهب أن قتله كان لطفاً فإبدال الآخر ما هو؟

  قلنا: هو يحتمل كونه لطفاً، ويحتمل أن يكون تفضلاً.

  ومتى قيل: لم لا يجب إماتة مَنِ المعلوم أنه لو بقي لارتد كما تجب إماتة مَنِ المعلوم أن غيره عند بقائه يرتد؟

  قلنا: لأن بقاءه في الأول تمكين وفي الثاني مفسدة.

  وتدل على أن ما علم من ذلك دليل على نبوته على ما ذكرناه، وكذلك قوله: {وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي}.

  وتدل على أنه يجب على العالم بيان المتشابه كما فعله هو.

  وتدل على أن الكفر فعل العبد وليس بخلق لله تعالى لأنه أمر بقتله لأن بقاءه مفسدة مؤدية إلى الكفر وكيف يخلق الكفر نفسه، ولأن الكفر لو كان خلقه لما اختلف الحال ببقاء الولد وقتله، وكان لا يحسن قتله.