التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم 142}

صفحة 621 - الجزء 1

  «قُلْ» يا محمد «لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ» ملكًا وخلقًا، وفي وجه الاحتجاج به قولان: أحدهما: أن مَنْ له المشرق والمغرب فله التدبير فيهما، والثاني: إبطال قولهم: إن الأرض المقدسة أولى في التوجه، فقال تعالى: له المشرق والمغرب، يأمر بالتوجه إلى ما هو أصلح.

  ويقال: هل كان التوجه إلى بيت المقدس فرضا؟

  قلنا: لا خلاف أنه تعالى جعل ذلك قبلة له، ولذلك قال: «وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ» لكن اختلفوا فقيل: إنه تعالى خيَّره، فاختار بيت المقدس، عن الربيع، وقيل: بل فرض ذلك عليه، عن ابن عباس وأكثر المفسرين.

  ويقال: منذ كم حولت القبلة؟

  قلنا: فيه خلاف، قيل: بعد سبعة عشر شهرا من مَقْدِمِهِ المدينة، عن ابن عباس والبراء بن عازب، وقيل: بعد تسعة عشر شهرا، عن أنس بن مالك، وقيل: بعد ثلاثة عشر شهرًا، عن معاذ، وقيل: بعد ثمانية عشر شهرًا عن قتادة.

  «يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ» أي يدله ويرشده «إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيم» أي طريق سويّ، قيل إلى الدين، عن أبي علي، وسمي صراطًا؛ لأنه طريق الجنة المؤدي إليها، وقيل: إلى طريق الجنة.

  · الأحكام: الآية تدل على جواز النسخ؛ لأن قوله: «مَا وَلَّاهُمْ» كالصريح في أنهم كانوا على قبلة، فحولت إلى غيرها.