قوله تعالى: {وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا 71 ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا 72 وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين كفروا للذين آمنوا أي الفريقين خير مقاما وأحسن نديا 73 وكم أهلكنا قبلهم من قرن هم أحسن أثاثا ورئيا 74 قل من كان في الضلالة فليمدد له الرحمن مدا حتى إذا رأوا ما يوعدون إما العذاب وإما الساعة فسيعلمون من هو شر مكانا وأضعف جندا 75}
  · الأحكام: تدل الآية على أنهم يَرِدُونَ جهنمَ، وقد بينا ما قيل فيه، وأن الحسن وقتادة قالا: هو القرب منه، واختاره أبو علي، ورووا عن ابن مسعود وقالوا: الخطاب لجميع المكلفين، وأن جابرًا وابن عباس وجماعة قالوا: هو الدخول، وأن بعضهم قال: هو خاص في المشركين، عن عكرمة، واختاره القاضي. ومنهم من قال: هو خطاب للجميع غير أن المؤمن يدخلها من غير تألم على ما بينا وروينا عن ابن عباس، وأجمعت الأمة أن الكفار يدخلونها ولا محيص عنها بل يعذبون دائماً، وعلم ذلك من دين رسول اللَّه ÷ ضرورة، ونطق القرآن به، ولذلك قال مشايخنا: إن المخالف فيه يكفر، وإنما الخلاف في فساق أهل القبلة، فأما الوعيد به فقالوا: الفاسق يدخلها دائماً، وقالت المرجئة: ينقطع عقابه ويخرج، ومن الناس من يزعم أن كل من آمن لا يدخلها وإن ارتكب الكبائر قطعاً، ولا يعد هَؤُلَاءِ في المرجئة.
  ويدل قوله: {عَلَى رَبِّكَ} أنه يجوز أن يجب عليه أشياء من طريق الحكمة بخلاف ما يقوله الْمُجْبِرَة.
  وتدل على أن النجاة تتعلق بالتقوى خلاف قول المرجئة.
  وتدل على أن المال والرئاسة في الدنيا لا يغني عنه شيئاً يوم القيامة، كمن أهلكهم اللَّه تعالى من الأمم.
  وتدل على أن من عاين العذاب يندم فلا ينفعه الندامة ولا ينجيه أحد ولا ينصره ناصر.