التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {أم اتخذوا آلهة من الأرض هم ينشرون 21 لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا فسبحان الله رب العرش عما يصفون 22 لا يسأل عما يفعل وهم يسألون 23 أم اتخذوا من دونه آلهة قل هاتوا برهانكم هذا ذكر من معي وذكر من قبلي بل أكثرهم لا يعلمون الحق فهم معرضون 24 وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون 25}

صفحة 4802 - الجزء 7

  قلنا: قيل: إنه يتصل بقوله: {اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ} والحساب هو السؤال عما أنعم عليهم هل شكروا أم كفروا، عن أبي مسلم.

  وقيل: يتصل بما قبله؛ لأنه بين التوحيد وعطفه عليه ببيان العدل.

  ويُقال: كيف يتصل قوله «هَذَا ذِكْرُ مَنْ مَعِي وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي» بما قبله؛ يعني ما تقدم ذكره من التوحيد والعدل مذكور في القرآن وسائر الكتب.

  وقيل: هو استئناف، والوجه الأول.

  · المعنى: ثم بيّن تعالى التوحيد رداً عليهم، ودل عليه، فقال سبحانه: «أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الأَرْضِ» يعني الأصنام «هُمْ يُنشِرُونَ» قيل: يحيون الأموات، عن مجاهد. وقيل: ينشرون الأشياء ويخلقون الخلق، وهذا استفهام والمراد الإنكار، يعني لِمَ يعبدون ما لا يَخْلُقُ ولا يملك؛ بل مخلوقون مملوكون.

  ثم دل عليه فقال سبحانه: «لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ» يعني في السماء والأرض «إِلَّا اللَّهُ» غير اللَّه «لَفَسَدَتَا» لخربتا، وهلك مَن فيهما وما استقامتا «فَسُبْحَانَ اللَّهِ» أي: منزه عن ذلك «رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ» من الشريك والولد «لاَ يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ» قيل: جميع أفعاله حكمة وصواب، ولا يقال: لِمَ فَعَلْتَ الصواب؟