التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {إن الله يدافع عن الذين آمنوا إن الله لا يحب كل خوان كفور 38 أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير 39 الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز 40 الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور 41}

صفحة 4974 - الجزء 7

  اللَّه يظهره على سائر الأديان، وقيل: يبطل كل مُلْكٍ سوى ملكه.

  · الأحكام: تدل الآية على أنه أمر المؤمنين بالقتال من حيث ظلمهم الكفار، وهذا وإن كان كالسبب في إباحة القتال فقد أوجب اللَّه تعالى الجهاد، ولو كانت هذه العلة مفقودة، وأجمعت الأمة على ذلك.

  وتدل على أنه ينصر المؤمنين بألطافه، ويقوي قلوبهم، ثم بين أن قتالهم لا يكفي؛ بل لا بد من دفاع من جهته، فيرد بعضهم ببعض حتى يتم التدبير، ولايستولي الكفار، ولولا ذلك لاستولوا.

  ويدل آخر الآيات أن المراد دفع معرة الكفار بالمؤمنين ولذلك قال: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ}.

  وتدل على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

  ويدل قوله: {الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ} على فضل المهاجرين، وقوله: {إِنْ مَكَّنَّاهُمْ} بدل من (الَّذِينَ) الأول، فمن هذا الوجه قال شيخنا أبو علي: إنها تدل على صحة إمامة أبي بكر وعمر وعثمان؛ لأنهم الَّذِينَ مكنوا في الأرض من المهاجرين، ولا يدخل فيها آل سفيان، ولا آل مروان كمعاوية وغيره؛ لأنهم لم يهاجروا ولم يخرجوا من ديارهم؛ بل أخرجوا المؤمنين، وقاتلوا رسول رب العالمين، ولا يقال: إن المراد به أمير المؤمنين فقط؛ لأنه جمع، ولأنهم أُخْرجوا ومُكِّنُوا كما أخرج، فلا معنى للتخصيص.

  ومتى قيل: وأي مدخل لهم في الإمامة؟