التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما ومن تطوع خيرا فإن الله شاكر عليم 158}

صفحة 666 - الجزء 1

  والشاكر: فاعل من الشكر، وهو في صفة اللَّه تعالى توسع ومجاز؛ لأن أصله هو المظهر للإنعام عليه واللَّه يتعالى عن ذلك، ومعناه في صفته أنه يجازي على الطاعة بالثواب شبها بالشاكر.

  · الإعراب: أصل يطوف يتطوف؛ لأنه من «اطّوّف يتطوف»، فأدغمت التاء في الطاء؛ لأنها من مخرجها والطاء أقوى بالجهر منها.

  · النزول: روي عن ابن عباس والشعبي أنه كان على الصفا والمروة صنمان، وكان أهل الجاهلية إذا طافوا بينهما مسحوهما، فكره المسلمون الطواف بينهما لذلك، وكان على الصفا صنم يقال له: إساف، وعلى المروة صنم يقال له: نائلة، فأنزل اللَّه تعالى هذه الآية، وذكر أبو علي مثل ذلك غير أنه قال: كان على الصفا والمروة أصنام منصوبة للكفار يعبدونها، فكره المسلمون الطواف لذلك، وذكر أن الآية نزلت في عمرته بعد الحديبية بسنة قبل فتح مكة.

  وعن الحسن أن أهل الجاهلية كانوا يقولون: لا تَطَوُّف بين هذين الحجرين، وكانوا لا يطوفون بينهما، ويقولون: ليسا من الدين، والدين هو الشعائر، وروي نحوه عن قتادة.

  وعن مجاهد أن الأنصار قالت: السعي بين هذين من أمر الجاهلية، فأنزل اللَّه تعالى هذه الآية، وروي نحوه عن أنس قال: كنا نكره الطواف بين الصفا والمروة؛ لأنهما كانا من مشاعر قريش في الجاهلية فتركناه في الإسلام، فأنزل اللَّه تعالى هذه الآية.

  وروى عروة عن عائشة أنها نزلت في الأنصار، وأنهم كانوا قبل الإسلام يهلون