التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم 160}

صفحة 672 - الجزء 1

  والبيان أصله من البَيْن وهو القطع وفيه إبانة، ومنه: ما أُبِين من الحي فهو ميت، والبيان في الشرع هو الأدلة، عن أبي علي وأبي هاشم، وقيل: العلم الحادث، عن أبي عبد اللَّه، والأول أوجه، وموضعه أصول الفقه.

  · الإعراب: موضع (الَّذِينَ) نصب على الاستثناء من الإيجاب، ولو كان من النفي لألغيت (إلا) في الإعراب، فهي في الإيجاب مسلطة، وفي النفي ملغاة.

  · المعنى: ثم بَيَّنَ تعالى أن وعيد كاتم الحق يسقط بالتوبة، فقال تعالى: «إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا» أي ندموا على ما فرطوا وعزموا على ترك العود إلى أمثاله «وَأَصْلَحُوا» يعني أصلحوا دينهم، نبه على أن التوبة في الحال لا تكفي ما لم يتمسك في المستقبل بدينه والقيام بالحق، وقيل: أصلحوا من كانوا أفسدوه ممن لا علم لهم «وَبَيَّنُوا» بمعنى أظهروا، قيل: صفة محمد وهو الذي كتموه، عن ابن عباس وقتادة وابن زيد وأبي علي وأبي القاسم. وقيل: بينوا التوبة وإصلاح السريرة بإظهار ذلك. وقيل: بينوا الذي جاءهم من عند اللَّه، وقيل: بينوا التوبة بإخلاص العمل «فَأُوْلَئِكَ أَتُوبُ عليهم» يعني أقبل توبتهم «وَأنا التَّوَّابُ» كثير التوبة مرة بعد أخرى ومن كل أحد «الرحِيمُ» أثيبهم على التوبة وسائر الطاعات ما استحقوا وأزيدهم من فضلي.

  · الأحكام: الآية تدل على أمور:

  منها: زوال الوعيد والعقاب بالتوبة.

  ومنها: أن التوبة لا تتكامل في نيل الثواب إلا بانضمام فِعْل الواجبات إليه واتقاء المعاصي.

  ومنها: دلالة قوله: «بينوا» على صحة قولنا: إن إظهار الحق شرط في قبول توبتهم بإصلاح ما بينهم وبين اللَّه تعالى، وما بينهم وبين العباد من رد المظالم ونحوه.