التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم 163}

صفحة 677 - الجزء 1

  أنه جزء، وإنسان واحد لا ينقسم من جهة أنه إنسان، والواحد في صفات اللَّه تعالى على أربعة أوجه:

  الأول: قيل: ليس بذي أبعاض ولا يجوز عليه الانقسام.

  الثاني: ليس له نظير ولا شبيه.

  الثالث: واحد من الصفات التي يستحقها لنفسه ككونه قديمًا باقيًا قادرًا عالمًا حيًا سميعًا بصيرًا.

  الرابع: في الإلهية وهو استحقاق العبادة وهذا أولى؛ لأنه يشتمل على جميع ما تقدم في المعنى، ولأن التمدح فيه أكثر، والآية لا تحتمل إلا ذلك؛ لأنه مقيد بالإلهية كقولهم: فلان عالم واحد، سيد واحد.

  · الإعراب: يقال: بم يرتفع «هو»؟

  قلنا: لأنه بدل من موضع (لا) مع الاسم كقولك: لا رجلَ إلا زيد، كأنك قلت:

  ليس إلا زيد، فيما تريد من المعنى إذا لم يقيد بغيره.

  ويقال: هل في قوله: «لاَ إِلَهَ إِلَّا هُوَ» إثبات؟

  قلنا: نعم، هو بمنزلة قوله: اللَّه هو الإله وحده.

  ويقال: ما فائدة هذه الإضافة، والخطاب ولعلها لمن في قوله: «وَإلَهُكُمْ»؟

  قلنا: هذه الإضافة إنما تصح للأحياء، ولم تصح لكونه حيًّا حتى يصح استحقاق العبادة عليه دون الجواهر المنفردة والأعراض، وفائدته لطفُ الاستدعاء إلى عبادته، يعني أنه الذي أنعم عليكم بأصول النعم وفروعها فاعبدوه وانقطعوا إليه، فإنه واحد في استحقاق ذلك، فأما الخطاب فللأحياء المكلفين في الحال.