قوله تعالى: {إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم لكل امرئ منهم ما اكتسب من الإثم والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم 11 لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا وقالوا هذا إفك مبين 12 لولا جاءوا عليه بأربعة شهداء فإذ لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون 13 ولولا فضل الله عليكم ورحمته في الدنيا والآخرة لمسكم في ما أفضتم فيه عذاب عظيم 14 إذ تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم 15}
  خَيرًا» قيل: بإخوانهم، وببعضهم الَّذِينَ هم كأنفسهم، قال مجاهد: هو كقوله: {فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ}[النور: ٦١]، وقيل: بأهل دينهم، عن الحسن، ونظيره: {وَلَا نَقتُلُوا أَنْفُسَكُمْ}[النساء: ٢٩] وتقدير الآية: هلا ظننتم كما ظن المؤمنون بإخوانهم، وقيل: بأنفسهم وأهاليهم وأزواجهم، وقيل: بأمهاتهم؛ لأنه ليس للولد أن يظن بأمه إلا خيرًا، وقيل: أراد بالمؤمنين أبا أيوب الأنصاري وامرأته أم أيوب؛ قالت أم أيوب لأبي أيوب: أما تسمع ما يقال في عائشة؟ قال: بلى ولكنه كذب، أكنت فاعلة ذلك يا أم أيوب؟ قالت: لا، قال: فعائشة خير منك. «خيرًا» يعني يجب أن يظن بها خيرًا لظهور أمارات الخير، ولكونها تحت رسول اللَّه ÷ «وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ» أي: كذب ظاهر «لَوْلاَ جَاءوا عَلَيهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ» أي هلا جاءوا عليه بأربعة شهداء يشهدون بصدقه «فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ» يعني إذا لم يأتوا بالشهداء فاعلموا أنهم كَذَبَة.
  ومتى قيل: عدم الشهود لا ينبي عن عدم المعنى، فكيف يقطع بكذبه؟
  قلنا: قيل: معناه في حكم اللَّه تعالى؛ لأنه تعالى حكم عليه بحكم الكاذبين، وهو إقامة الحد عليه، وألّا تقبل شهادته أبداً.