التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ألم تر أن الله يسبح له من في السماوات والأرض والطير صافات كل قد علم صلاته وتسبيحه والله عليم بما يفعلون 41 ولله ملك السماوات والأرض وإلى الله المصير 42 ألم تر أن الله يزجي سحابا ثم يؤلف بينه ثم يجعله ركاما فترى الودق يخرج من خلاله وينزل من السماء من جبال فيها من برد فيصيب به من يشاء ويصرفه عن من يشاء يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار 43 يقلب الله الليل والنهار إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار 44 والله خلق كل دابة من ماء فمنهم من يمشي على بطنه ومنهم من يمشي على رجلين ومنهم من يمشي على أربع يخلق الله ما يشاء إن الله على كل شيء قدير 45 لقد أنزلنا آيات مبينات والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم 46}

صفحة 5223 - الجزء 7

  العقول؛ لأنهم المكلفون الَّذِينَ يمكنهم النظر والاستدلال، وقيل: لمن تبصر فيه بالعقل فيستدل، وخصهم بالذكر لأنهم ينتفعون بها «وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ» حيوان «مِنْ مَاءٍ» من نطفة، وقيل: من ماء؛ لأن أصل الخلق الماء، ثم قلب بعض الماء فجعله ريحاً فخلق منه الملائكة، وبعضه نارًا فخلق منه الجن، وبعضه إلى الطين فخلق منه آدم، وقيل: المراد أكثر الدواب؛ لأن من الحيوان من خلقه من الأرض والريح، وقيل: الأصل الماء، ولا بد في كل شيء يخلق منه حيوان من رطوبة، هكذا أجرى اللَّه تعالى العادة، «فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ» كالحية والحوت والديدان، «وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ» كالجن والإنس والطير «وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ» كالأنعام والوحوش والسباع، ولم يذكر من الأشياء والمشي أكثر من ذلك؛ لأنه كالذي يمشي على أربع في رأي العين، وقيل: في قوله: «يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ» تنبيه على أن فيها من يمشي على أكثر من ذلك «يَخْلُقُ اللَّهُ مَا يَشاءُ» أي: يُحْدِثُ ما يشاء، كما يشاء مقدرًا كما تقتضيه المصلحة من غير زيادة ولا نقصان، اختراعاً من غير آلة «إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قديرٌ. لَقَدْ أَنزَلْنَا آيَاتٍ» دلالات قيل: هو القرآن، وقيل: سائر الأدلة «مُبَيِّنَاتٍ» واضحات «وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ» أي: طريق مستقيم، قيل: يهدي بأن يدل ويرشد، والمراد المكلفون دون من لا يكلفه، وقيل: يهدي إلى طريق الجنة من يشاء وهم المؤمنون، وقيل: الصراط: الدين المؤدي إلى الجنة.