التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن أمرتهم ليخرجن قل لا تقسموا طاعة معروفة إن الله خبير بما تعملون 53 قل أطيعوا الله وأطيعوا الرسول فإن تولوا فإنما عليه ما حمل وعليكم ما حملتم وإن تطيعوه تهتدوا وما على الرسول إلا البلاغ المبين 54 وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون 55}

صفحة 5235 - الجزء 7

  «وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ» ليظهرن مِلَّتَهُمْ، وهي الإسلام الذي ارتضاه لهم، فأمرهم أن يدينوا بها، ويظهروا الإسلام، فأنجز وعده، وأعلى كلمة الدين، وجعلهم خلفاء الأرض، «وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا» أي: لا يخافون في ذلك أحدا، فمن كفر بعد هذه النعمة ولم يَعْنِ الكفر بِاللَّهِ، وقيل: من كفر بِاللَّهِ بعد ذلك، وأراد الكفر الذي هو ضد الإسلام «فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ» قيل: العاصون، عن أبي العالية، وقيل: الخارجون في كفرهم إلى معصيته، لأن الفسق هو الخروج إلى المعصية.

  · الأحكام: تدل الآية أن الكلام يؤكد باليمين لذلك قال: «وأقسموا» فيحصل له به من الحكم ما لولاه لم يحصل؛ لأنه ربما لا يجوز له الحنث، وربما يجوز ويلزمه الكفارة.

  وتدل على قبح من أقسم على ما ينطوي على خلافه، لذلك نهاهم عن الكذب وإن لم يخشوا في الحال.

  وتدل على وجوب إظهار الطاعة المعروفة قولاً وفعلاً دون القسم لذلك قال: {لَا تُقْسِمُوا طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ}.