التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن أمرتهم ليخرجن قل لا تقسموا طاعة معروفة إن الله خبير بما تعملون 53 قل أطيعوا الله وأطيعوا الرسول فإن تولوا فإنما عليه ما حمل وعليكم ما حملتم وإن تطيعوه تهتدوا وما على الرسول إلا البلاغ المبين 54 وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون 55}

صفحة 5238 - الجزء 7

  أحدهما: أن الآية عامة في الجميع؛ لأن قوله: «منكم» إشارة إلى الجميع، فلا يجوز قصره على البعض.

  والثاني: أنهم تمكنوا كما تمكن أولئك.

  ومتى قيل: هلا حملتم الآية على معاوية؟

  قلنا: لا؛ لأنَّهُ لم يكن من أهل الإمامة والخلافة، ولأن معاوية لم يكن مؤمناً في حال نزول الآية، وإنما آمن مِنْ بعد، ولأنه تمكن قهرًا وغلبة لا عن مشاورة ونص.

  ومتى قيل: لِم قلتم: إنهم وإن كانوا خلفاء كانوا حقًّا؟

  قلنا: لأنه أضاف ذلك إلى نفسه، وهو لا يفعل إلا الحق، ولأنه خبر، فلو لم يحمل عليهم لم يوجد مخبره، فيؤدي إلى كونه كذباً وهذا لا يجوز.

  ومتى قيل: لِم تقولون: إنهم منصوصون؟

  قلنا: النص على ضربين: على العين، وعلى الوصف، وقد نص على الوصف، وأمر بالاختيار، وقد فعلوا ما أمروا، وأصابوا الحق، فصار تعينهم بأمره لتعينه، فأما على العين فلا نقول: إنه نص عليهم؛ لأنه لم يثبت، وإنما نقول بالوصف على ما بينا.