التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وإذا رأوك إن يتخذونك إلا هزوا أهذا الذي بعث الله رسولا 41 إن كاد ليضلنا عن آلهتنا لولا أن صبرنا عليها وسوف يعلمون حين يرون العذاب من أضل سبيلا 42 أرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلا 43 أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا 44 ألم تر إلى ربك كيف مد الظل ولو شاء لجعله ساكنا ثم جعلنا الشمس عليه دليلا 45 ثم قبضناه إلينا قبضا يسيرا 46 وهو الذي جعل لكم الليل لباسا والنوم سباتا وجعل النهار نشورا 47 وهو الذي أرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته وأنزلنا من السماء ماء طهورا 48 لنحيي به بلدة ميتا ونسقيه مما خلقنا أنعاما وأناسي كثيرا 49 ولقد صرفناه بينهم ليذكروا فأبى أكثر الناس إلا كفورا 50}

صفحة 5306 - الجزء 7

  · المعنى: ثم بين تعالى ما طعنوا به في النبوة، وعقبه ببيان حالهم، وألحق بهم الوعيد، وبيّن دلائل التوحيد، فقال سبحانه: (وِإذَا رَأَوْكَ) يعني إذا رأوك يا محمد هَؤُلَاءِ المشركون {إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا} ويقولون: هذا رسول على طريق الاستهزاء، وهم يبطنون الإنكار، ويقولون: هذا رسول اللَّه منكرين لذلك «إِنْ كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا» يعني قرب أن يصرفنا بدعوته عن عبادة آلهتنا، وهي الأوثان «لَوْلاَ أَنْ صَبَرْنَا عَلَيْهَا» يعني: فصبرنا على عبادتها وما تبعناه، لئلا يصرفنا عنها «وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذَابَ» يوم القيامة «مَنْ أَضَلُّ سَبِيلاً» هم أم المسلمون، وهذا وعيد لهم، وقيل: سوف يعلمون حين يرون العذاب يوم بدر والقتل فيه، فيعلمون يقيناً أنهم كانوا على ضلال، وأنه على حق «أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ» قيل: جعل إلهه ما يهواه، وهو غاية الجهل، وكان الرجل من المشركين يعبد الحجر والصنم، فإن رأى أحسن منه رمى به، وأخذ الآخر فعبده، وقيل: اتبع هواه كاتباع الآلهة، فكأنه اتخذه إلهاً وعبده، قال ابن عباس: الهوى ما يعبدون من دون اللَّه «أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيهِ وَكِيلاً» قيل: حافظاً لهم عن الباطل مع هذا الجهل والغفلة الذي هم فيه، قيل: ليس عليك أن يؤمنوا إنما عليك البلاغ، «أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ