التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {كذبت ثمود المرسلين 141 إذ قال لهم أخوهم صالح ألا تتقون 142 إني لكم رسول أمين 143 فاتقوا الله وأطيعون 144 وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين 145 أتتركون في ما هاهنا آمنين 146 في جنات وعيون 147 وزروع ونخل طلعها هضيم 148 وتنحتون من الجبال بيوتا فارهين 149 فاتقوا الله وأطيعون 150 ولا تطيعوا أمر المسرفين 151 الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون 152 قالوا إنما أنت من المسحرين 153 ما أنت إلا بشر مثلنا فأت بآية إن كنت من الصادقين 154 قال هذه ناقة لها شرب ولكم شرب يوم معلوم 155 ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب يوم عظيم 156 فعقروها فأصبحوا نادمين 157 فأخذهم العذاب إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين 158 وإن ربك لهو العزيز الرحيم 159}

صفحة 5379 - الجزء 7

  الأخفش. «فَاتَّقُوا اللَّهَ» ولا تعصوه «وَأَطِيعُونِ» فيما أبلغكم من ربكم «وَلاَ تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ. الَّذِينَ» أسرفوا في المعاصي، أي: جاوزوا الحد، قيل: هم المشركون، وقيل: هم الرؤساء علماء السوء، وقيل: هم تسعة رهط من ثمود «يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلاَ يُصْلِحُونَ» وقيل: الَّذِينَ يسرفون في الذنب، يسفكون الدماء، ويعصون اللَّه، ويظلمون الناس «قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ» قيل: من المسحورين المخدوعين، عن مجاهد، وقتادة. وقيل: من المخلوقين المعللين بالطعام والشراب، عن ابن عباس. وقيل: ممن له سُحْرٌ أي رِئَة «مَا أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا فَأْتِ بِآيَةٍ» بحجة على صحة ما تقول «إِنْ كنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ» فيما تدعي «قَال» صالح «هَذِهِ نَاقَةٌ» قيل: كانوا سألوا أن يخرج لهم من الجبل ناقة عشراء، فأخرجها اللَّه حاملًا كما سألوا، ووضعت فصيلاً في الحال، وكان عظيم الخلق جداً «لَهَا لشِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْم مَعْلُومٍ» لها نصيب ولبهم نصيب، قيل: قسم الماء فجعل لها يوماً ولهم يوماً، فكانت لا تقرب الماء يومهم «وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ» قيل: بعقر، وقيل: بمنع من الماء والمرعى على مواشيهم وتضييق الماء عليهم «فَأَصْبَحُوا نَادِمِينَ» على عقرها، قيل: لما رأوا آثار العذاب ندموا على عقرها ولم يتوبوا، وطلبوا صالحاً ليقتلوه، فنجاه اللَّه ومن معه من المؤمنين، ثم جاءتهم الصيحة فأهلكتهم، عن أبي علي. وقيل: تابوا حين رأوا العذاب فلم ينفعهم، عن أبي مسلم. وقيل: لما عقروا الناقة خرج صالح ومن تبعه، وندموا على تركهم إياهم غير مقتولين «فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ» قيل: الصيحة، فخربت بنيتهم، وماتوا تحتها أجمعين «إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً» في التوحيد ومعجزة لذلك النبي وعبرة للمتفكر «وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ. وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ» القادر على إهلاك ثمود «الرَّحِيمُ» بإنجاء المؤمنين.

  · الأحكام: تدل الآيات على أن نعيم الدنيا إلى زوال، وأن الباقي نعيم الآخرة حثاً على طلبها وزهداً في الدنيا.

  وتدل على النهي من اتباع أهل البدع ورؤساء الضلال.