التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {كذبت قوم لوط المرسلين 160 إذ قال لهم أخوهم لوط ألا تتقون 161 إني لكم رسول أمين 162 فاتقوا الله وأطيعون 163 وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين 164 أتأتون الذكران من العالمين 165 وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم بل أنتم قوم عادون 166 قالوا لئن لم تنته يالوط لتكونن من المخرجين 167 قال إني لعملكم من القالين 168 رب نجني وأهلي مما يعملون 169 فنجيناه وأهله أجمعين 170 إلا عجوزا في الغابرين 171 ثم دمرنا الآخرين 172 وأمطرنا عليهم مطرا فساء مطر المنذرين 173 إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين 174 وإن ربك لهو العزيز الرحيم 175}

صفحة 5381 - الجزء 7

  والقِلى: البغض، يقال: قلاه يقليه قلًا، وقليه يقلاه قِلىً، وربما فتح ويَقِيلُ قَيْلًا، ومنه حديث أبي الدرداء: «وَجَدْتُ الناسَ اخْبُرْ تَقِلَهْ» أي: من جربهم قلاهم لخبث سرائرهم، لفظه [لفظ]، أمر والمراد الخبر، والفاعل (قالٍ) وجمعه في الرفع قالون وفي النصب والجر قالين.

  والعجوز: المرأة المسنة أعجزها الكبر عن الأمور، ونظيره: المسنة والكبيرة.

  والغابر: الباقي في قلة، كالتراب الذي يذهب بالكنس ويبقى غباره، غبر يَغْبُرُ فهو غابر، وغُبْرُ اللبن بقيته.

  والتدمير: الإهلاك، دمره تدميرًا، ونظيره: تبره تتبيرًا، وَدَمَرَ عليه يَدْمُرُ دَمْرًا إذا هجم عليه بالمكروه، والدامر: الهالك.

  · الإعراب: نصب «عجوزًا» على الاستثناء.

  {فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ} هو بمنزلة (بِئْسَ) برفع المعرفة التي عرف بالألف واللام، يقال: بئس الرجل زيد، وبئس رجلاً زيد، و (ساء) يقتضي اسماً وخبرًا، وخبره محذوف، تقديره: ساء مطر المنذرين مطرًا.

  · المعنى: ثم بيّن تعالى قصة لوط، فقال سبحانه: «كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ» بتكذيب لوط؛ لأن الطريق في الجميع واحد، وقيل: كذبوا جميع من مضى من الرسل «إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ» في النسب؛ لأن الناس كلهم بنو آدم «أَلاَ تَتَّقُونَ» اللَّه في المعاصي «إِنِّي لَكُمْ رسولٌ أَمِينٌ» على الرسالة «فَاتَّقُوا اللَّهَ» في معاصيه «وَأَطِيعُونِ» فيما أدعوكم إليه «وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِي» على أداء الرسالة «إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ» وهو الثواب في الجنة «أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ» هو كناية عن الفاحشة، وهو إتيان الرجال في أدبارهم، وفي الكناية عنها بالفحش تغليظ بشأنها، وقيل: كانوا يأتون النساء والرجال في أدبارهم، وقيل: كانوا يأتون الغرباء إلا بعضهم بعضاً «وَتَذَرُونَ»