قوله تعالى: {قالت ياأيها الملأ أفتوني في أمري ما كنت قاطعة أمرا حتى تشهدون 32 قالوا نحن أولو قوة وأولو بأس شديد والأمر إليك فانظري ماذا تأمرين 33 قالت إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون 34 وإني مرسلة إليهم بهدية فناظرة بم يرجع المرسلون 35 فلما جاء سليمان قال أتمدونن بمال فما آتاني الله خير مما آتاكم بل أنتم بهديتكم تفرحون 36 ارجع إليهم فلنأتينهم بجنود لا قبل لهم بها ولنخرجنهم منها أذلة وهم صاغرون 37}
  أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً» بالاستعباد، وقيل: إذا دخلوها عنوة، عن ابن عباس ... «أَفْسَدُوهَا» خربوها «وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً» أي: أهانوا أشرافها وكبراءها كي يستقيم لهم الأمر «وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ» قيل: هو قول اللَّه تصديقًا لها فيما قالت، وقيل: قال ذلك قومها. قالت بلقيس: «وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ» أي: إلى سليمان وقومه بهدية أُصانِعُهُ بذلك عن ملكي «فَنَاظِرَةٌ» أي: منتظرة «بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ» بقبول أو رد، وقيل: ما يلتمسون من خير أو شر، قيل: أرسلت بوصائف وغلمان على زي واحد، وقالت: إنْ رَدَّ الهدية وأبى إلا المبايعة على دينه فهو نبيٌّ، وإن قَبِلَ الهدية فإنما هو ملك وعندنا ما يرضيه، عن ابن عباس. وقيل: ألبس الغلمان لباس الجواري وألبس الجواري لبسة الغلمان، عن مجاهد. واختلفوا في عددهم، قيل: مائة وصيف ومائة وصيفة، عن مقاتل. وقيل: ما بين مائتين، عن مجاهد. وقيل: عشرة عشرة، عن الكلبي. وقيل: خمسمائة من الجواري وخمسمائة من الغلمان، عن وهب. وقيل: أهدت إليه صفائح الذهب في أوعية الديباج، وقيل: [كانت] الهدية مائتي فرس، على كل فرس غلام أو جارية، وقيل: كانت الهدية أربع لبنات من ذهب وفضة، وقيل: بعثت الهدية مع رجل من قومها، وانطلق الرسول بالهدايا، وجاء الهدهد فأخبر سليمان، فأمر سليمان الجن أن يضربوا لَبِنَاتِ الذهب والفضة، وأن يبسطوا ذلك حول الميدان، ووقف الدواب عليها حتى بالت وراثت، وأقام الجن والإنس عنده، وقعد على السرير، واجبف الشياطين والوحوش والسباع والطيور، فلما دنا القوم ورأوا ذلك رموا ما معهم، وخافوا حتى وقفوا بين يدي سليمان وأعطوه الكتاب، والهدية، فرد سليمان الهدية و «قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ» أي: أتبعثون إليّ المال وأنا أدعوكم إلى اللَّه وإلى دينه «فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آتَاكُمْ» يعني: ما آتاني اللَّه من الملك