قوله تعالى: {وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه فإذا خفت عليه فألقيه في اليم ولا تخافي ولا تحزني إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين 7 فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا إن فرعون وهامان وجنودهما كانوا خاطئين 8 وقالت امرأت فرعون قرت عين لي ولك لا تقتلوه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا وهم لا يشعرون 9 وأصبح فؤاد أم موسى فارغا إن كادت لتبدي به لولا أن ربطنا على قلبها لتكون من المؤمنين 10}
  فارغًا ناسيًا، عن الكسائي. وقيل: فارغًا من الحزن لعلمها أنه لم يغرق. وقيل: فارغًا من الخوف والحزن عليه لما أمنها الله تعالى، وثقة منها بوعده، وهو الأحسن. وقيل: فارغا خائفًا وَجِلاً، عن أبي مسلم. «إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ» أي: قربت من أن تظهر، اختلفوا في (به) على قولين: أولهما: كناية عن موسى، وثانيهما: أنه كناية عن الوحي، أي: كادت لتبدي بالوحي وما كان من أمره وأمرها. ومن قال: إنه كناية عن موسى اختلفوا، فقيل: من شدة الغم والوجد كادت تظهر بذكر موسى؛ أي: تذكر موسى وتقول: يا إبناه، عن ابن عباس، وقتادة، والسدي. وقيل: لما رأت التابوت يرفعه الموج خافت الغرق، فكادت تصيح على ابنها، عن مقاتل. وقيل: أرادت أن تقول: إنه ابني. وقيل: كادت تظهر أنه من بني إسرائيل؛ لأنه لو ظهر ذلك لعلم فرعون ولقتله. وقيل: لما رأته عند دعاء فرعون إياها للإرضاع ضاق ذرعها من شدة السرور، فأرادت أن تقول: إنها أمه، عن جعفر بن حرب. وقيل: لما التقم موسى ثديها سر به فرعون، وسألوها عن السبب في ذلك، فكادت تقول: إنه ابني، فعصمها الله. وقيل: لما شب والناس يقولون: ابن فرعون، شق عليها ذلك، وكادت تقول: إنه ابني «لَوْلاَ أَن رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا» أي: شددنا عليه بالألطاف.
  ومتى قيل: كيف يصح هذا التأويل مع ما اخترتم في قوله: «فارغًا» خاليًا من الخوف لثقتها بوعد الله تعالى؟
  قلنا: يجوز أن تكون قد همت بذكر ابنها بعد سلامته، فكان في المعلوم إظهار مضرة، فعصمها الله بلطفه فلم تظهر، ويحتمل لولا لطف الله تعالى لما كان فارغًا.
  «لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ» قيل: من المستهدين الإيمان؛ إذ لو كان في المعلوم لو أصاب موسى قتل لأخطأت خلاف الإيمان، فذكر تعالى أنه نجى موسى، وأنعم عليه؛ ولذلك كانت النجاة في إيمان أمه.
  · الأحكام: تدل الآيات على معجزات كثيرة، وقيل: كانت معجزة لنبي كان في ذلك