التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين 56 وقالوا إن نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا أولم نمكن لهم حرما آمنا يجبى إليه ثمرات كل شيء رزقا من لدنا ولكن أكثرهم لا يعلمون 57 وكم أهلكنا من قرية بطرت معيشتها فتلك مساكنهم لم تسكن من بعدهم إلا قليلا وكنا نحن الوارثين 58 وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في أمها رسولا يتلو عليهم آياتنا وما كنا مهلكي القرى إلا وأهلها ظالمون 59 وما أوتيتم من شيء فمتاع الحياة الدنيا وزينتها وما عند الله خير وأبقى أفلا تعقلون 60}

صفحة 5513 - الجزء 8

  · اللغة: التخطف: أخذالشيء على طريقة الاستيلاء من كل جهة، تَخَطَّفَ تَخَطُّفًا، واختطفه اختطافًا.

  يُجْبَى: أصله الجمع، من قوله: جبيت الماء في الحوض: جمعته، والجابية: الحوض، والجَبَى مقصور بفتح الجيم: ما حول البئر، والجِبَى بكسر الجيم: ما جمع فيه من الماء، ويقال له أيضًا: جِبْوَة وجِباوة، وقال الكسائي: جَبَيْتُ [الماء في] الحوض جَباً والجَبَا [غير] مهموز: بئر يجمع فيه الماء، والجمع أجبو.

  والبطر: الطغيان عند النعمة، وقال ابن الأعرابي: البطر سوء احتمال الغنى، واختلفوا في أصله، قيل: هو مأخوذ من قولهم: ذهب دمه بطرًا، أي: باطلا، عن الكسائي. وقيل: البطر: الحيرة، عن الأصمعي، فكأنه يتحير عند الحق. وقيل: البطر: أن يبطر، أي: يتكبر عند الحق فلا يقبله، والأشَرُ والبطر من النظائر.

  · الإعراب: {مَعِيشَتَهَا} نصب لنزع الخافضة، تقديره: بطر أهل القرية في معيشتها، فلما حذفت (في) نصب لوصول الفعل إليه.

  {مُهْلِكِي} نصب لأنه خبر (كان)، وكسر «مُهْلِكِي» لأن أصله: مهلكين، فحذف النون للإضافة، ومحله النصب، وقيل في {بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا} أن معنى أبطرتها معيشتها، فلما تعدى الفعل إلى صاحب المعيشة نصب على التفسير، عن الفراء.

  · النزول: قيل: نزل قوله: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} في أبي طالب، وذلك لأن رسول الله ÷ كان يحب إسلامه، وإسلام أهل بيته، ويلح عليهم، ويغمه كفرهم، ففي ذلك