قوله تعالى: {تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين 83 من جاء بالحسنة فله خير منها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى الذين عملوا السيئات إلا ما كانوا يعملون 84 إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد قل ربي أعلم من جاء بالهدى ومن هو في ضلال مبين 85 وما كنت ترجو أن يلقى إليك الكتاب إلا رحمة من ربك فلا تكونن ظهيرا للكافرين 86 ولا يصدنك عن آيات الله بعد إذ أنزلت إليك وادع إلى ربك ولا تكونن من المشركين 87 ولا تدع مع الله إلها آخر لا إله إلا هو كل شيء هالك إلا وجهه له الحكم وإليه ترجعون 88}
  · اللغة: الفرض: أصله الحَزُّ والقطع، يقال: فرضت سواكي: إذا حززته ليشتد فيه خيطًا، ومنه فرض القاضي النفقة، أي: قطع لها، والفرض: الحز في سِيَةِ القوس ليقع فيه الوتر، والفرائض سميت بذلك؛ لأن لها معالم وحدودًا.
  والوجه: مستقبل كل شيء، وربما يعبر عن الذات، يقال: أكرم الله وجهك، أي: أكرمك.
  · الإعراب: {رَحْمَةً} نصب على المصدر، أي: رحم رحمة.
  و {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} نصب على الاستثناء.
  · النظم.
  يقال: كيف يتصل قوله: {تِلْكَ الدَّارُ} بما قبله؟
  قلنا: قيل: إنه تعالى كما حرم نعم الدنيا عليهم بالهلاك، كذلك يحرم عليهم نعم الآخرة.
  وقيل: لما تقدم ذكر قارون بين أن ثوابه يُنَالُ بالتواضع لا بالكبر.
  وقيل: لما تم حديث موسى # وقارون خاطب النبي ÷ وأمته بالمواعظ والاتعاظ بما تقدم.
  ويقال: كيف يتصل قوله: {إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ} بما قبله؟
  قلنا: مَنْ حَمَلَ المعاد على البعث اتصل بقوله: {تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ}، ومن حمله على العود إلى مكة قال: لما بين أنه وعد أم موسى رد موسى عليها مع شرف النبوة، كذلك وعد رجوعك إلى مكة مع عظيم الشرف، وقد أنجز وعده، ومعنى الكلام: أن الذي أنزل القرآن بذلك الوعد سينجزه لك.